لا أدعي حقيقة أو مجازا علمي اليقيني بحال هو عليها الوسط الثقافي المحلي لاعتبارات عدة أولها بشريتي وفطرتها على النقص إضافة إلى تعدد المشارب التي تغذيها وتُمارس تحت مسميات شتى تصب في نهاية مطافها في إيجاد الوعي المعرفي الثقافي الذي يمكّن الإنسان بهواياته المتعددة من التعامل والطرق البيضاء والمثالية المرجوة لصنع المنجز التفاعلي القادر على السير بالسائر به حتى تستقيم به الأمور فيبدع وفقه وينجز كما يراد منه فتصفو له الحياة كما يرجو ويغدو أثرا صيّبا نافعا من بعده؛ فالثقافة هي المحور الأساس الذي يتكئ عليه البشر في سعيهم للحياة وتشكلهم بها، ولهذا نجد تعدد الهويات سمة بارزة للكون ومن يقطنه. على أن لكل هوية فصولها وخطها وثوابتها بدءا من الألف بها انتهاء للياء بمدها . وفي الثقافة العربية و التي تعد معرفتنا السعودية جزءا لا ينفصل عنها بل ويؤثر فيها إيجابا لاختلاف المعطيات المكونة لها، وعلاقتها المباشرة مع المقدس - مكانا وإنسانا -.ولا أحسبها تغيب عن إدراك قارئ هذه الأسطر . وهي حال تتطلب منا المثقفين السعوديين الالتفاف حول مكونها أيا كان التضاد الذي بيننا ،والعمل بحب - قبل الحرص - على الذهاب بها بعيدا باتجاه الأفق، لا النزول بها خيبة ،وسلبا ؛فنكون أقرب إلى ( والضد يظهر قبحه الضد ) ونغدو في رؤية وتصور الآخرين قبحا يُتندر به ويسعى إلى تشرذمه وتشتيته بل وتعبئته بما يضره لا ينفعه في ظل حتمية الاعتراف بصراع الحضارات ومبدأ القوة في شتى أبجديات المكونات الحياتية الناصة على تمكين القوة -ممارسة وسلوكا -ولو ملكها الهش وسار بها وصيّا قيّما على من هم دونه ،ولو كانوا أولي بأس ضُيع بليل .وفي السياق المعاصر ومنذ الأزل ما يعزز هذه اليقين عبر استقراء ما حدث ويحدث في الشعوب المسلوبة ثقافيا لقوة السالب وهوان المسلوب . وما كان هذا المسار المراد التحدث عنه لكنه فاتحة أظنها حسنة لحالة التشفي - بكل أسف - المقروءة والمسموعة والمشاهدة في الحراك المجتمعي المحلي ،وكأن الواقع لا يتقبل ويرفض ضم هذا التضاد المصطنع من قبل من نصّبوا أنفسهم قيمين على إصلاح المجتمع وخارجين به إلى حيث يجب أن يكون بزعمهم دون اعتبار لمن يشترك معهم في تكوين الأرض والإرث - إنسانا ومعرفة - في أحادية نرجسية ستلقي بسوادها على واقع الناس ولو بعد حين حتى ولو اتخذت بريقا خالبا النظر في أولها . وما كان النجاح ليكتب لمجتمع إلا باتكائه علشتى أطيافه في نسق معرفي تكاملي يعي المرجعيات المنطلقة منها تلك الأطياف فيهب لكل مساحته وحقوقه المعززة لتكامل أفراده، ووحدتهم، لا النابذة له تحت أعذار هي أقبح من النبذ نفسه. مع أهمية التثبت التام من السمة الغالبة والمعروف بها المجتمع والتي ميزته عن غيره وهو شأن لا يمكن إنكاره أو التحايل عليه بدواعٍ واهنة كما نصت على ذلك جل الدراسات الاجتماعية الداعمة بأن لكل معرفة مجتمع هويتها وخصوصيتها كعلامة فارقة لا يملك القارئ والمبصر غض الطرف عنها عند البحث عن آليات جديدة تسعى بالرقي والتطور لجميع المؤسسات المجتمعية البانية له بعيدا عن حالة ( التشفي ) النكِدة المهلكة بسوادها وهمجيتها كل ساحة التقاء يمكن أن يجتمع بها المتضادون فكرا ؛لإرساء لبنة تبني ولا تهدم .وأكاد أجزم أنها لن تكون في ظل هذا الهرج والمرج الذي يؤدى وكما قلت تشفيا من مرحلة زمنية كان لها من البياض ما لا يمكن حجبه بعيدا عن السواد المنبثق من التصنيف الخاطئ من قبل المحسوبين عليها والذين لا يمثلون جوهرها ولا يمكن بأي حال من الأحوال الانتفاضة عليها وكأنها رجس من عمل الشيطان تحت مبرر الفهم المغالط المفعول من أولئك الذي حسبوا على المرحلة كأصحاب حول وقوة .ولا حول ولا قوة الا بالله
وهم وإن أساؤوا ؛فقد فعلوا ذلك بأنفسهم لا بطهر وبياض دلالة الصحوة في شتى معارف الحياة .
إن طبيعة المرحلة القادمة في ظل المنهجية العلمية النيرة لرؤية 2030 تتطلب وعيا نسقيا علميا يخرج من دائرة التعالي واحتقار المضاد والعمل على تهميشه بكل ما يؤتى من قوة انتصارا للشللية المتناثر شرها في أروقة الأفعال الثقافية بشمولية وعمومية دلالة المثاقفة لا تخصصها في وجه واحد لا غير . ولعل الأدهى والأمرّ ان يؤسس للإقصاء كمطية يركبها أحيانا المنتمون لتيار معين ليهلك بعضهم بعضا حسدا من عند انفسهم وما أكثر هذه الفوضى اللامسؤولة! وما أقبح فعلها في مسيرة النهوض بالمجتمعات !وأقسم أنها أشد فتكا من الحرب الضروس وليت لي قوة أبدل بها كل ما سبقت كتابته إلى ضده لنسمو روحا وفعلا ونُهذَب سلوكا ،ويكون لثقافتنا ،ومجتمعها الصيت والسيطرة المحقة الباذلة الخير للبشرية ،والساعية بها للخلاص الواهب الاستقرار المنادى به ممن هو عليم بذات الصدور ..
** **
- عبدالرحمن سابي