يوسف المحيميد
في جميع عواصم العالم توجد مئات المتاحف المتنوّعة، في مختلف المجالات، ومن بينها متاحف الفنون، التي تتوزّع بين المتاحف الشهيرة، والمتاحف الخاصة بالفنانين، ومتاحف مشاهير المقتنين في العالم، وهي على مدى عشرات، بل مئات السنين، مصدر إلهام ودخل لهذه العواصم، إذ يرتادها ملايين السياح والمهتمين بالثقافة والفنون والتاريخ.
مؤخرًا بدأ الاهتمام بالفنون يكبر في بلادنا، ولعل مبادرات مؤسسة مسك الخيرية التي أقامت العام الماضي معرضاً مفتوحاً للجميع، سواء لصالات الجاليري في الرياض، أو للفنانين الشباب المبتدئين بتخصيص أكشاك صغيرة لهم، إضافة إلى فنانين يرسمون في الهواء الطلق، ومسرح يتحدث فيها المختصون عن الفنون، وقد حظيت تلك الفعالية باهتمام المواطنين من الرياض وخارجها، وهو مؤشر مهم على تحول المجتمع كثيرًا، وإيمانه بقيمة الفن والأدب، والثقافة عموماً، التي نادينا بها سنوات طويلة، كمؤثّر على التفكير والوعي، وإعلاء قيم التسامح، والتخلّص من حالة التطرف السائدة.
ولكن، ورغم جمال وأهمية هذه التظاهرات المؤقتة، يبقى العمل الدائم أكثر جدوى، كإنشاء متحف للفن السعودي الحديث، يضم لوحات كبار الفنانين من مختلف الأجيال، بالإضافة إلى المتاحف الفردية للفنانين الرواد، الذين أسسوا لحركة الفنون التشكيلية في المملكة.
كم كنا سنحظى بمتاحف فردية رائعة، تلفت انتباه واهتمام المواطنين والسياح، لو تحركت الجهات المختصة باكرًا، وامتلكت لوحات محمد السليم أو عبدالجبار اليحيا، أو عبدالحليم رضوي، ومنازلهم التي عاشوا فيه، ومراسمهم، وأدواتهم الشخصية، وأصبحت مزاراً للمهتمين، كما يحدث في جميع عواصم المدن الأوروبية، التي تحافظ على ذاكرتها الثقافية والفنية.
وماذا لو بادرت هيئة السياحة، أو مؤسسة مسك الخيرية، وامتلكت المنزل ذَا الشكل المتحفي للفنان علي الرزيزاء، بكل ما فيه من براعة العمارة النجدية ونقوشها، ولوحاته التي تميزت بتطوير شكل الأبواب والنوافذ النجدية بزخارفها المميزة، وجعلته أحد أبرز المتاحف المتاحة للزوار والسياح! أجزم أنها فرصة كبيرة أن نجد المتحف جاهزاً بكل تفاصيله، حيث صمم الفنان الرزيزاء كل جزء من المنزل، من التصميم المعماري والتوزيع، والحدائق الداخلية، والإنارة، والأسقف البيضاء المتحفية، وحتى اللوحات التي تمثِّل أعماله منذ سبعينات القرن الماضي حينما كان دارسًا للفن في إيطاليا، بالإضافة إلى مقتنياته الخاصة، كل ذلك يمثِّل نموذجاً مميزاً لتاريخ الحركة الفنية التشكيلية في المملكة، ويحتاج التعرّف عليه نحو ثلاث ساعات من التجوال والتأمل، فهل نسعد قريبًا، ونفخر أيضًا، بإضافة متحف الرزيزاء إلى قائمة متاحف المملكة؟