رقية سليمان الهويريني
حين ظهرت بوادر الصحوة استلبت منا الشعور بالمواطنة وهمشت مفهوم الوطنية، واستبدلتها بالأممية والإسلامية فصرنا نسمع أناشيد لا تقال في وطني الحبيب وهل أحب سواه؟
كما أدخلت الصحوة التشكيك، وصنفت المجتمع إلى ملتزم وغير ملتزم! ومفهوم الملتزم ليس هو الجاد والنظامي الذي يلتزم بالأنظمة والقوانين؛ وإنما التصنيف الشكلي من حيث الهيئة والسحنة لمن لديه لحية ويرتدي ثوباً قصيراً من الرجال أو ترتدي عباءة رأس وجوارب سوداء في قدميها، وقفازات في يديها من النساء.
وقد حرمت الصحوة التصوير ومشاهدة التلفزيون وسماع الأغاني مما أدى إلى نزاعات داخل الأسرة الواحدة حيث تجرأ الشباب على إحراق الصور الفوتوجرافية وتكسير أجهزة التلفزيون فأحدثت فرقة بين أفرادها، برغم أنه لو تم توظيف برامج التلفزيون في ذلك الوقت للتوجيه والإرشاد والتوعية لظهر لدينا مجتمع واعٍ بدرجة كبيرة.
ولم تكن المرأة بمعزل عن شظايا الصحوة فقد همشتها وجعلتها في درجة دنيا ومواطنة درجة ثانية، وأشعرتها بالدونية وأنها تابع للرجل، وتم ربط ذلك بدخول الجنة! والمحزن انطلاء الحيلة عليها فصدقتها ورضخت لهذه المشاعر السلبية.
والمؤسف أن الصحوة أضاعت بوادر تنمية كانت موعودة بها بلادنا حيث اتجه أغلب الشباب للكليات الشرعية بأكثر من حاجة المملكة للخريجين من هذه الكليات وعزفوا عن الكليات العلمية بدعوى التغريب ففقدنا كوادر علمية كان ممكناً أن تسد النقص الهائل في الوظائف الطبية والهندسية والعلمية.
والآن تعلن الحكومة (وفاة الصحوة) بقرار وإرادة سياسية حازمة وتعترف أنها كانت سبباً في تقهقر بلادنا وأن القيادة لن تسمح للتطرف بالعبث بمقدرات الوطن ومكاسبه الوطنية، وأننا سنعيش حالة من الدين الوسطي كما أراد لنا الله. لذا لن أحضر الصلاة عليها ولن أشارك في دفنها ولن أعزي أتباعها. بل سأهنئ وطني بدخول عصر نهضةٍ جديد يستحقه أبنائي وأحفادي!