يوسف المحيميد
ربما تعد هذه العبارة أكثر العبارات ترديدًا في تاريخ مجتمعنا خلال عقود مضت، وحتى الآن؛ فمع كل حدث جديد، ومع كل تحديث في الحياة، ينطلقون في الأنحاء وهم يرددون: هل ترضى؟ وهل ترضاها لأختك؟ ربما منذ خمسينيات القرن الماضي والسؤال عما إذا ترضى أن تستمع ابنتك أو زوجتك إلى المذياع وحدها؟ وحتى السؤال عما إذا ترضى بأن تتزوج بنتًا تقود السيارة؟ وترتاد الملاعب؟ وربما قريبًا السينما؟ وغير ذلك من الأسئلة التي يدور محتواها حول القلق والخوف من سلوك المرأة، وأيضًا الشك فيه، والرغبة في استمرار الوصاية على أفعالها ونشاطها، وحقها الذي منحه إياها الإسلام، وسلبته العادات والتقاليد!
وكما كان اسم المرأة عورة في مجتمعنا ذات زمن، وإطلاقه في مجلس رجال يعد شتيمة، فهناك من سيبقى في الخلف، يجري رغم أنفه وراء حراك المجتمع، الذي يسير أمامًا، بينما هو يقذف الآخرين بعباراته المملة: هل ترضاها لأختك؟ هل ترضاها لأمك؟ ولا أحد يتنبه له، فضلاً عن أن يتوقف كي يجيب عن سؤاله.
ولعل الأجمل أن حراك المجتمع وتغيره جاء مدعومًا بقرارات سيادية للدولة، فكانت التغيرات سلسة وروتينية، ومؤيدة من قِبل شرائح كبيرة من المجتمع. فعلى سبيل المثال: هل كان وزير الثقافة والإعلام سيسلم حينما طلب من القنوات السعودية توطين وظائف مذيعاتها، وإحلال السعوديات مكان الوافدات خلال ثلاثة أشهر، لو كان قراره وتصريحه جاء في وقت مضى؟ طبعًا ستُفتح عليه أبواب الويل والثبور، وسيُتهم بكل الاتهامات، ويناله القذف بكل أنواعه، لكن العمل القانوني المنظم، الذي يتيح للجميع رفع الدعاوى على الشاتمين والقاذفين، جعل كثيرًا من هؤلاء (يفرملون) رغم أنوفهم خوفًا من مساءلة القانون، والتعرُّض للمحاكمات!
والأكثر جمالاً أن ما فقده المجتمع من حقوق طبيعية خلال ثلاثين عامًا سيناله خلال ثلاث سنوات، وسنكتشف كم كنا مغيبين ومحرومين من حياة طبيعية وجميلة، حياة بسيطة وتلقائية، تحكمها القوانين والأنظمة، مثل أي مجتمع آخر على هذه الأرض، فكونوا كما أنتم، شعبنا الطيب، لا كما يريدكم غيركم.