ياسر صالح البهيجان
تأتي خطوة مكافحة الفساد واختلاس المال العام في المملكة كأحد أبرز الخطوات الإصلاحيّة لتحقيق مبدأ العدل في المجتمع، دون أي تمييز بين أفراده، إذ لا أحد فوق القانون، ولا استثناء لأي إنسان مهما كانت صفته الاعتباريّة، وهذه الخطوة بحق تمثّل نقلة نوعيّة في ميدان القضاء السعودي، وتؤكّد بأن السعوديّة تنطلق وفق رؤية حقيقيّة تمزج بين الإصلاح والتطوير.
المال العام حق للمجتمع بأكمله، ولا يمكن أن تتحقق أي مشاريع تنموية وتطويرية في الوطن دون الاستفادة المثلى من ذلك المال المكتسب مِن إيرادات الدولة في شتى القطاعات، وهو مالٌ محرم عن العبث أو الاختلاس تحت أي ذريعة، كما أن المفسدين يستحقون أن ينالوا أقسى العقوبات؛ لأنهم أسهموا بصنيعهم الآثم في تأخير عجلة التنمية، وقوضوا نهضة الوطن لعقود سالفة، وحان موعد المحاسبة الصارمة لينال كل من تجاوز الأنظمة والقوانين جزاءه الرادع.
نحن في مرحلة تاريخية ومفصليّة، والحقّ أنه منذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، وبوصلة الإصلاح في شتى الميادين تسير وفق رؤية واضحة تتسم بالحزم والعدل، لذا لم يكن أمرًا مفاجئا ما أُعلن عنه قبل أيام من إيقاف العديد من الشخصيات البارزة ومسؤولين رفيعي المستوى بتهم تتصل بالفساد والاختلاس والرشاوي، فهؤلاء لم يحترموا الثقة الملكيّة الممنوحة لهم، ولم يؤدوا الأمانة الملقاة على عاتقهم.
أهميّة محاسبة المفسدين لا تقتصر على ما سلف من فساد واختلاسات ماليّة، وإنما ستشكّل عامل ردع في المستقبل لكل مسؤول قد تسوّل له نفسه الالتفاف على الأنظمة واستغلال نفوذه للسطو على المال العام، أي أننا أمام مرحلة جديدة لا تسامح فيها مع أي مخالفات موسومة بالفساد الإداري أو المالي، مرحلة حافلة بالنزاهة وتطبيق القانون على كل كائن مهما كان.
يوم السبت الرابع من نوفمبر كان يومًا لمكافحة الفساد على مستوياته كافّة، وستعقبه أيام أخرى لن تقل عنه أهميّة. المملكة أكّدت بأنها ليست مرتعًا للفاسدين، ولن تقبل بأن يقّدم الفرد مصالحه الشخصيّة على مصلحة الوطن، ولن ترضى بأن يستغل البعض نفوذهم ومكانتهم الاجتماعيّة للإضرار بالمجتمع. المصلحة العامة فوق كل المصالح.