علي الصحن
هل يوجد فساد وفاسدون في الرياضة؟ هل يوجد فساد في الأندية والاتحادات الرياضية؟ وما هو الفساد في الرياضة وما صوره وما طبيعته؟ أسئلة تتقاطع مع بعض وربما تنتهي في سبيل واحد.
الفساد في أبسط تعريف له: أساليب خاطئة يقوم بها فرد أو مجموعة أفراد من المجتمع من أجل تحقيق أهداف أو مصالح شخصية خاصة على حساب الجماعة، وفي كل التشريعات والأنظمة، الفساد جريمة وخروج عن القانون والأعراف، وفيه سوء استغلال للسلطة والمناصب.
الفساد في الرياضة ليس مرتبطاً بالفساد المالي فقط كما قد يتبادر للبعض بداية، بل هو أمر له ضروب وأبواب شتى: التحايل على الأنظمة والقوانين الرياضية فساد، التلاعب في العقود فساد، استخدام الرياضيين للمنشطات فساد أيضاً، المراهنات فساد، التهاون من أجل مصالح منافس على حساب آخر فساد، الأخطاء التحكيمية المتعمدة فساد، التلاعب في نتائج المباريات فساد.
في السنوات الأخيرة تابع الجميع تحقيقات واسعة عن الفساد في المنظومة الرياضية الأكبر في العالم ( الفيفا )، قصص وروايات وأموال ورشا وتزوير وإعفاءات وكف يد وإيقافات وحضر ممارسة، طالت رموز رياضية عالمية، الفيفا يريد أن يحارب الفساد، ووضع حدود له، ويريد الشفافية أيضاً فقال كل شيء بالاسم ولم يجامل حتى رئيسه السابق جوزيف بلاتر ولا النجم الفرنسي بلاتيني.
من ضمن حزمة القرارات التي اتخذها معالي رئيس الهيئة العامة للرياضة توجيه الأندية الممتازة بعقد جمعية عمومية استثنائية لكل ناد، ورفع التقارير المالية المعتمدة من قبل النادي خلال شهر، على أن تشتمل التقارير على الإيرادات والمصروفات وديون النادي.
وفي عدة مقالات طالبت وطالب غيري بالشفافية وتعزيز المبادئ المالية وتحديد المسئوليات والصلاحيات فيها، وتحدثنا عن ضرورة العمل المنظم الذي لا يتضرر من استقالة رئيس ولا حضور آخر، وعن أهمية وضع هياكل تنظيمية وأدلة إجراءات وسياسات العمل فيها، بما يتوافق مع الأنظمة واللوائح التشريعية المعمول بها، وفي مقدمتها اللائحة الأساسية للأندية، وتفعيل جميع ما ورد في المادة (18)/ الفصل الخامس/ من اللائحة والتي حددت صلاحيات الجمعية العمومية للنادي، وأن يتم إعداد قوائم مالية في فترات دورية توضح الموقف المالي للنادي من أجل ضبط المصروفات وضمان السيطرة على الديون قبل تضخمها، واليوم يمكن القول إن تعزيز المبادئ المالية في الأندية من شأنه أن يكون عوناً على القضاء على أي فساد محتمل في الأندية الرياضة، ومن نافلة القول إن في غموض القوائم المالية سيكون باباً واسعاً للفساد واستغلال مقدرات النادي والتلاعب بها في سبيل تحقيق مصالح ومكاسب شخصية.
في اللائحة الأساسية للأندية الرياضية بنود تحتاج إلى تفعيل حقيقي، ونقلها بجدية من الورق إلى الواقع، وتحويلها من مجرد بنود إلى التزامات تشملها المحاسبة والمراجعة من قبل الجهات المختصة، «من ضمن البنود ما ورد في الفصل الثامن من اللائحة والمعني بمالية النادي، وما تضمنته المادة (40) الخاصة بصلاحيات أمين الصندوق وخاصة: (إعداد مشروع ميزانية النادي بالتعاون مع الأمين العام، إعداد تقرير ربع سنوي عن الوضع المالي للنادي وعرضه على المجلس)، ففي الواقع أن معظم الأندية لا تلتزم بذلك، وإن التزمت به ففي الغالب يكون ذلك مجرد حبر على ورق، ولو حدث وفُعِّلَ كل ما في اللائحة، لعولج أي قصور في وقته، وأسهم في كشف أي فساد أو تدخلات في مصالح النادي في حينه.
تضمنت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (43) وتاريخ 1/2/1428هـ (أن حماية النزاهة ومكافحة الفساد تتحقق بشكل أفضل بتعزيز التعاون بين الأجهزة المختصة - أن الفساد يعوق التطوير والتنمية والاستثمارات - إن ظهور مفاهيم وصور جديدة للفساد وانتشارها تستلزم مراجعة وتقويما مستمرا للسياسات والخطط والأنظمة والإجراءات والبرامج لمكافحة هذا الوباء الخطر) وهذه البنود تحتاج إلى تفعيل حقيقي في الأندية الرياضة كما في غيرها من المجالات، إذ لا بد من مراجعة كل الأنظمة وتطويرها، هيئة الرياضة بحاجة إلى دراسة اللوائح المنظمة للعمل في الأندية والاتحادات الرياضية، وإعادة صياغتها بما يوائم التطورات والمتغيرات الحالية الرامية لتطوير الأندية والرياضة، وما يتوافق مع طبيعة العمل الحالي فيها، وأن تواصل متابعة التقارير المالية للأندية بشكل دوري، من أجل التدخل في الوقت المناسب، واكتشاف أي أخطاء ناتجة عن فساد مالي أو بسبب سوء في إدارة العمل وتنفيذ إجراءاته في الوقت المناسب.
تضمنت الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد أن على الأجهزة المعنية ممارسة اختصاصاتها وتطبيق الأنظمة المتعلقة بذلك عن طريق... (العمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه وفقاً للأنظمة - سرعة البت في قضايا الفساد، والعمل بمبدأ التعويض لمن تضار حقوقهم ومصالحهم من جراء الفساد بعد ثبوت ذلك... الخ).. وهنا أعتقد أن هيئة الرياضة لن تدخر جهداً في هذا الشأن ولن تجامل شخصاً على حساب آخر، واتضح الأمر جلياً في عدة قرارات، وفي تعاملها مع عدة قضايا أشغلت الرأي الرياضي طويلاً، ومن وتصريحات لمعالي رئيسها تركي آل الشيخ.
هنا لا أقول إن هناك فسادا حقيقيا بينا في رياضتنا، فذاك أمر لا يمكن الجزم به في مقال عابر، فقط حاولت أن أطرح الموضوع، كأمر محتمل يجب أن نضعه في أذهاننا ونعمل ضده من أجل رياضة نظيفة ومنافسات غاية في النزاهة.