رقية سليمان الهويريني
رغم التنشئة الاجتماعية القائمة على هدي الشريعة الإسلامية والتعاليم الغراء التي تدعو إلى الصدق والأمانة والإخلاص في أداء العمل والمعاملات؛ إلا أن المتتبع للشأن الوطني لا يجد لتلك التعاليم والقيم أثراً على السلوك والتصرفات لأغلب أفراد هذا المجتمع، والمؤسف حينما تصدر تلك السلوكيات من المتنفذين وأصحاب المراكز العليا! لذا جاء الأمر الملكي الكريم بتشكيل لجنة لمكافحة الفساد المالي في الدولة متماهياً مع مطالب الناس، وضجرهم وشكواهم، وتوجه إعفاءات لأمراء ووزراء ومسؤولين، ثم جاءت الضربة الصارمة بإيقافهم والتحقيق معهم لتعيد الثقة وتبني جسور الولاء بين المواطن والقيادة.
ولعل الجدية بإصلاح القطاعات الحكومية هو ما نرتئيه من القيادة وهو ما يتطلع له المواطنون في ظل عصف رياح الفساد في جنبات بلادنا الحبيبة. وهي هنا تحقق الوعد (السلماني) وهاجسه وحزمه في اقتلاع مخالب الفساد الإداري والمالي. فقد مللنا صمت الضعف وسكون العجز عن إبداء رفضنا لكل أشكال الفساد ونخرها في عظام التنمية، وبدأنا نتوق لسماع إيقاع طبول الحضارة تضج في ردهات بلادنا ونحن نضرب الفساد!
والحق أن المواطن يصيبه القهر حينما يسمع عن تشييد نافورة في مدخل مبنى حكومي بمبلغ 170مليون ريال أو تصميم شعار وزارة بمبلغ 41 مليون ريال أو إنشاء بوابة إلكترونية لجامعة حكومية بملايين الريالات أو تعيين موظفات وهميات.
وكي يتم تنفيذ الخطة الإصلاحية المرسومة لوطننا بناءً على الرؤية المستقبلية؛ فإنه ينبغي الانضواء تحت لواء الإصلاح بمعناه الشامل الذي يحارب كافة أنواع الفساد، ذلك الفساد الذي فاحت رائحته وصار ينخر في جسد الوطن، وضج الجميع منه وطالبوا بمحاصرته واجتثاثه؛ ابتداءً من غلق صنابير الهدر المالي والعبث الإداري في بعض الوزارات والهيئات، ونرجو ألا ينتهي حتى يتم الالتفات نحو التعليم بحيث يكون معتمداً على التفكير دون التلقين لأن ذلك فساد!
ولا شك أن ذلك يتطلب تضافر جهود الحكومة مع الشعب لفهم أبعاد معنى التعليم الذي يؤدي للتطور والإصلاح وليس لجمع الشهادات والحصول على عمل بواسطة، لأن إصلاح التعليم سينعكس إيجابياً على كافة المناحي الاجتماعية، وهو استمرار للإصلاح المنشود.