عماد المديفر
نشرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قبيل أيام معدودة الدفعة الخامسة - وربما الأخيرة 3 - والتي تعد الأضخم.. من وثائق الإرهابي الإخواني القاعدي الهالك «أسامة بن لادن» التي وجدت في وكره في «أبوت أباد» الباكستانية.. حيث اشتملت على ما يقارب نصف مليون وثيقة وملف، ما بين رسائل مكتوبة بخط اليد، وأخرى مطبوعة ومحفوظة على الحاسوب، ومذكرات يومية لمناقشاته مع أبنائه حول مجريات الأحداث ومستجداتها على الساحة الخليجية والعربية والإقليمية والدولية، بما تضمنته من وجهات نظره التي أراد إيصالها لأبنائه، وقراءاته للأحداث، بما في ذلك استنتاجاته واتجاهاته وتوجهاته حيالها.. هذا بخلاف مقاطع الفيديو والأفلام والصور الإباحية الخليعة التي وجدت في مخدعه، وعلى أجهزته الحاسوبية.
لقد كشفت هذه الدفعة الضخمة من الوثائق مدى عمالته وتنسيقه وتخابره مع نظام الملالي في طهران.. وأن الموضوع لم يكن مجرد (التقاء مصالح) و(تبادل منافع) في استهداف الدول العربية وإسقاط حكوماتها وعلى رأسها المملكة، تحت ذريعة أنها دول « منافقة عميلة للغرب الكافر» كما حاول أن يبرر لأتباعه ومريديه من عناصر القاعدة، حين تكشفت لهم علاقات التعاون والدعم اللوجستي الذي يلقونه من ملالي طهران وحرسهم الثوري وذراعهم العسكرية الرئيسة في المنطقة والمتمثلة بتنظيم حزب الله.. بما في ذلك ما يقدمونه لهم من الأسلحة والمتفجرات والأموال وأدوات الاتصال ووثائق السفر والمرور والمؤن والتدريب والملاذات الآمنة.. بل كشفت أنه لم يكن في الواقع سوى بيدق صغير، وأداة إرهابية دنيئة في يد نظام الملالي في طهران وشريكه التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
ويرى مراقبون أن توقيت وطريقة (مقتل) و(اختفاء) شخصية القيادي الإرهابي أسامة بن لادن من على وجه الأرض يثير في طياته تساؤلات عدة، تدعو للريبة..! خاصة أن شخصية إرهابية قيادية مثله عبارة عن كنز من المعلومات الثمينة في مجال مكافحة الإرهاب.. وكان من المهم إلقاء القبض عليه وهو على قيد الحياة.. هذا بخلاف إخفاء وثائقه وعدم إظهارها وكشفها كاملة للعلن أو مشاركتها مع الأجهزة المعنية في مكافحة الإرهاب لدى الدول الصديقة للولايات المتحدة الأمريكية إلا بعد أن انتهت ولاية الرئيس الأمريكي السابق (أوباما).!
وقد جاء (مقتل) ابن لادن في أوج ازدهار ثورات ما أطلقت عليه الإدارة الأوبامية الديمقراطية الآفلة، وأدواتها الإعلامية المسيّسة، وشبكاتها الأكاديمية والبحثية الممتدة إلى أوروبا، وذات الصِّلة بمشروع «الشرق الأوسط الجديد»، أطلقت عليه مسمى «الربيع العربي»، والذي جرى توظيفه في محاولة إسقاط الحكومات العربية وإيصال فروع تنظيم الإخوان المسلمين وحركات الإسلام السياسي للحكم في تلك الدول التي اندلعت فيها الفتن عبر شعارات «السلمية» و»الديمقراطية» و»ثورات الشعوب» و»حقوقهم» و»أصواتهم المسلوبة»؛ إذ قامت قوات أمريكية خاصة باقتحام وكر الإرهابي - العنيف والذي لا يتماشى مع موضة الثورات السلمية -؟ «أسامة بن لادن» في «أبوت أباد»، و أعلن (أوباما) أنها (قتلته) وألقت بجثته في البحر.. كان ذلك في مايو/ أيار 2011م.. وحينها نقلت تلك القوات جميع الوثائق وأجهزة الحاسوب ووسائط تخزين المعلومات والبيانات التي كانت في وكر زعيم القاعدة.. فلم تبق لأجهزة الأمن الباكستانية أي وثيقة أو مستند أو معلومة عما كان يقوم به ابن لادن من داخل أراضيها.. فحجبت ذلك الكنز الثمين من الوثائق والمعلومات التي تكشف الكثير والمثير عن عمل هذا التنظيم الإرهابي العالمي الخطير، وصلاته واتصالاته.. تماما كما لم تترك لجثة ابن لادن من أثر.. وكأنه (فص ملح وذاب) في مياه المحيط!!
وهنا يحق لنا أن نتساءل.. لماذا حجبت إدارة الرئيس الأمريكي السابق «حسين أوباما» تلك المعلومات والوثائق طيلة تلك الفترة؟ ولم تفرج إلا عن عدد محدود جدا (17 وثيقة فقط) في مايو 2012م، لم تكن ذات قيمة حقيقية، إلى أن أتمت الاتفاق النووي مع طهران مطلع يوليو / تموز 2015م.. أي بعد أربع سنوات من حيازتها الكاملة لوثائق ابن لادن التي تثبت شراكة نظام الملالي في جميع أعماله الإرهابية، بما في ذلك أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ولم تكتف إدارة أوباما بإبرام ذلك الاتفاق المشبوه مع عمائم الشر والإرهاب؛ بل «هرّبت» لهم مليار وسبعمائة مليون دولار من الأموال المجمدة؟! ثم وبعد إبرام الاتفاق أفرجت عن (103) وثائق فقط، جرى اختيارها بعناية، بحيث تبقي على حالة العلاقة المبهمة وغير الواضحة مع نظام الملالي.. وما أن اقتربت فترة انقضاء ولاية (أوباما) وقرب تولي الرئيس الجمهوري الشجاع (ترامب)؛ تم الإفراج عن (113) وثيقة كشفت وجود علاقة واضحة بين الملالي والقاعدة. ثم الدفعة الرابعة جاءت قبيل تولي الرئيس الجمهوري (ترمب) سدة الرئاسة بيوم واحد وفقط، والتي تحدثت عنها في حينه عبر سلسلة مقالات في صحيفتنا الغراء، ويمكن الرجوع إليها عبر الموقع الإلكتروني.. إلى اللقاء.