نادية السالمي
ليت فضول العمر يمهلنا لنغتسل من الكلام بالكلام، نحن الذين تعلقنا بالكتابة، فالكلام حتى في السطر «من فضه والسكوت من ذهب»، ولا أعلن سرًا إن ذكرت أن أكثر معشر الكتّاب كفرًا بالكذب في أي باب زاده الكذب والأسباب أمنية أو بلاغية.
نقاط على النقاط:
*ازدهر في الآونة الأخيرة عند العربيات توظيف الجنس والجسد في الأعمال الأدبية لأغراض شتى جادة وغير جادة قد تخدم النص، كمعالجة قضية ما، وفضح سلوك مسكوت عنه، وتعديل فكرة العلاقات ا?نسانية، أو لتعزيز الثقة بالتفوق على الرجل والمقدرة على محاكاته أو فضحه في مجتمع ذكوري يغدق عليه بالغفران والحرية، كل هذا تحت عباءة القول أنا ند للرجل، جريئة في القول والوصف وتصوير الرغبات ومعالجتها والحديث عن المغامرات، وإثارة العواطف واستفزاز القارئ.
*لا نكذب على أنفسنا ونقول أن هذا النوع من الأدب أو هذه الأعمال الأدبية مستوحاة من ماضينا التليد ككتاب الأغاني أو الحيوان أو تحفة العروس.، أومحاكاة لطريقة المثقفة التي كانت مثار جدل أو لمز مجتمعها ومحبيها، «ولادة بنت المستكفي»، لنخلق بهذا أكثر من ولادة في بقاع متعددة الأمصار، متحدة النظرة في إزدراء المرأة، لا.. فهذا السبب في غالبه ليس صحيحًا..هي في غالبها محاكاة للثقافة الغربية التي تسيطر من جانبها بحكم القوة والمنعة على باقي الثقافات... والإعجاب والتفاعل والتقليد والتحدي من جانبنا نحن أصحاب الثقافات الأقل سيطرة، وولادة جاءت لمجرد استدعاء الماضي، وتثبيته في جدار الأدب لتكن مشجب يُعلّق عليه كل عمل أدبي خارج عن مااعتاد عليه المجتمع واتفق معه أو عليه العرف.
*ساعد على انتشار هذا النوع من الكِتابات انفتاح العالم على الثقافات، وانفتاح الإنسان على العلاقات الإنسانية المختلفة التي إن لم يتعامل الإنسان معها في حياته اليومية، شاهدها في دور السينما، أو في مواقع التواصل الاجتماعي، وأهم عامل ساعد في انتشارها أعتقد (الرجل) المناهض لها والمؤيد كيف ؟!.
في الرجال والكتّاب منهم من يُعجب بالمرأة الجريئة فضلًا عن الكاتبة أو الشاعرة الجريئة، تُثيره جنسيًا أو أدبيًا، هذه المرأة الجريئة شغفه في الحياة، تحقق له نوع من الارتياح والانسجام والتكامل، وهو سعيد بها ككاتبة يدعمها في مسيرتها ويقرأ لها أو كشريكة في الحياة، والكاتبة بهذا تحقق غايتها في الإشادة والإعجاب وتحقيق الذات خصوصًا ونحن نعرف أن الرجل مسيطر على نواحي الحياة بما فيها الكتابة والأدب ، فالرجل يدعم المرأة أدبيًا وثقافيًا لكن المرأة قلما تفعل هذه مع المرأة!.
بقي الرجل المناهض.. هذا المناهض النافر من هكذا أعمال ومن كل جريئة في علنه _وليس لي سلطة على السر والنوايا_ يمعن في إزدرائها والتنكيل بشرفها، ومقاصدها وغاياتها وفي هذا إعلان مجاني للكاتبة وللأدب الإيروتيكي يصب في مصلحة الكِتاب والكاتبة. إذن الكاتبة مستفيدة من هذا الرجل أو ذاك في تحقيق مآربها الأدبية والشخصية.
سبب أخر حري بالنظر في تعاطي الكتّاب والكاتبات مع هذه الأعمال، وانكباب العوام على قراءة هذا النوع _غير أن كل ممنوع مرغوب_ وهو الناس في مجتمعاتنا العربية من السياسة _التابو الأصعب عليهم كسره_ في قهر ومن لقمة العيش ومايترتب عليها في كبد، لهذا ارتدّوا بكامل هذا الإرث في تحد على مجتمعاتهم ليفضحوا نفاقهم وليعروا كذبهم باستخدام نفس الألفاظ الخادشة، والإيماءات الجارحة، وفي هذا إعلان واضح بكسر تابو الجنس والدين ورسالة مبطنة بالعجز أمام السياسة!.
حادثة مكتبة جرير وصفحة
من رواية زائرات الخميس:
أنوّه أنني لم أقرأ الرواية إلا الصفحة المتداولة، وتلك الصفحة بعباراتها وكلماتها لو ظهرت على الدنيا في مقطع فيديو على لسان قاصرة بأسلوب طفلة مصدومة لا تعرف عن العلاقات البشرية إلا علاقتها بلعبتها لقامت الدنيا وشيدت المقالات ونشطت الهاشتاقات مُتضامنة مع الطفلة، وناقمة على الوحوش البشرية المحيطة بالطفلة المباركين لهكذا علاقة غير متكافئة. وهذا هو مافهمته من الرسالة الاجتماعية في تلك الصفحة.
المقدرة على معالجة فنية لا تخدش الحياء، ولا تستفز القارئ تكاد تكون صعبة المنال، واستخدام أساليب التعبير المنوطة بعمل إبداعي ناجح، ما بمقدور كل متصدر للعمل الكتابي إتمامه سواء كان رجل أو امرأة والدكتورة بدرية البشر التي أرى كقارئة أنها مقدمة برامج،وكاتبة مقالات مقتدرة، ترى في نفسها القدرة على الخوض في هكذا معترك للرواية، بهكذا جرأة في الألفاظ والصور، والوزارة أجازت العمل، ويبقى هذا شأنها أن تظهر بالشكل الذي تريد وتُظهر حروفها بالحبكة التي تود، وإذا كان المجتمع يرفض هذا عليه إبداء رأيه بطريقة محترمة، لا يستخدم فيها الألفاظ التي يعيب على الكاتبات استخدامها، ولا يتبجح ويطال بالسوء أسر الكاتبات!.
مالم أفهمه وحاولت جاهدة وفشلت هو رواية كهذه كيف توضع باستهتار في القسم المخصص للأطفال، ؟!. ثانيا: مكتبة جرير مخولة ببيع الكتب بناءً على تصريح الفسح المقدم من وزارة الإعلام والثقافة فكيف تسحبه بمجرد الشكوى وقبل صدور قرار السحب من الوزارة؟!
ثم تعليق الوزارة كامل الموضوع على الفترة الوزارية السابقة وكأن أنظمة الفسح تختلف مع كل وزير يحمل الحقيبة الثقيلة، وفي هذا مايدعو للسخرية؟!.
مايثير العجب ويفتح باب التفكير
على مصراعيه:
الناس إلا من رحم في مجالسها الخاصة يضحكون من طرفة ويلمزون بما لا يليق ويرددون قصائد في المحكي والفصيح يهزون لها بالإعجاب رؤوسهم، ويثنون على مقدرة الشاعر الذي يصف جسد المرأة وشغف الرجل بها، ويشيرون ويشيدون بالروايات، والأمثال الشعبية المليئة بالكلمات التي تصور المشهد ودقتها وصراحتها وأغلب هؤلاء يرفضون هذا من الكاتبة ويقرّونه من الكاتب، وأغلب العوام يقرّون الفحش من أي رجل ولا يقرونه من أي مرأة تحت شريعة بعيدة عن المبادئ إلّا مبدأ سقيم أن الرجل لا يعيبه شيء!.