محمد جبر الحربي
مَا أطْيَبَ الأهْلَ فِي أرْضِي وَفِي سَكَنِي
هُمْ نُوْرُ عَيْنِي وَهُمْ نَبْضِي وَهُمْ سَكَنِي
إِنْ أَثْمَرَ الحُبُّ نَهْراً.. قُلْتُ فَيْضُهُمُو
أوْ أمْطَرَ القْلْبُ شِعْرَاً صِحْتُ ذَا وَطَنِي
وَالَْسْرُ لَ تَقْبَلُ الَْرْوَاحُ غُرْبَتَهُ
إلَّكَ فِي الْحُبِّ.. تَسْمو بِي وتَسْتُرني
يَا آسِرِي فِي هَوَاكَ الْقَلْبُ مُرْتَهَنٌ
يُدْنِي لِمَنْ شَاءَ حُسْنَاً غَيْرَ مُرْتَهَنِ
أَنْتَ الْقَصِيدَةُ رَوْضُ العُمْرِ أَنْظِمُها
تَبْقَى مَعِي طَيْفاً دَوْمَاً يُحَرِّضُنِي
مَا غَايَةُ الشِّعْرِ إلّ الخُلْدُ فِي وَطَنٍ
نَزْدَادُ وَجْداً بِهِ فِي الضِّيْقِ وَالْمِحَنِ
وَأَنْتِ أَنْتِ رِيَاضُ الْمَجْدِ شَاعِلَةً
فُضُولُهَا فِي ضَمِيْرِي الْحُرِّ تُشعِلُنِي
لَوْنُ الخُزَامَى تَنَامَى فِي مَنَابِتِهَا
وَالْبُرْعُمُ الغضُّ صَدَّاحٌ عَلَى فَنَنِ
بَيْضَاءُ.. مَا خَطّهَا شَيْبٌ وَلَ كَدَرٌ
حَسْنَاءُ حَلَّتْ فِي رُوحِي وَفِي بَدَنِي
فِي بَوْحِهَا السِّحْرُ مَعْقُودٌ لِسَامِعِهِ
وَفِي صَدَى ذِكْرِهَا التَّارِيخُ يَرفَعُنِي
يُسَبِّحُ النّخْلُ وَالأشْجَارُ تَتْبَعُهُ
وَتُبدِعُ الطَّيْرُ تَرْجِيْعَاً فَتُطرِبُنِي
أَرْضٌ تَجَلَّى بِهَا الَْعْشَى عَلَى عَلَلِ
أَنْدَى حَرِيرَاً لَهَا مِنْ عَيْشِهِ الخَشِنِ
«يُضَاحِكُ الشَّرْقَ مِنْها كَوْكَبٌ شَرِقٌ»
وَتَصْطَفِيهَا الصَّبَا فِي سَاعَةِ الوَسَنِ
نَبْضُ الْعُرُوبَةِ «لا نَبْغِي لهَا بَدَلاً»
عَدْلاً وَمَيْاًَ فَذَا فَرْضِي وَذِي سُنَنِي
مَا قُلْتُ يَوْمَاً وَدَاعَاً سَوْفَ أَتْرُكُهَا
وَإِنْ هَمَمْتُ، فُؤَادِيْ لَيْسَ يَتْرُكُنِي
يَسْعَى إلى حُضْنِها مَنْ شَاقَهُ وَطَنٌ
وَيَرْتَجِيْ أَمْنَهَا مَنْ تَاهَ فِي الفِتَنِ
سِرُّ البِاَدِ بِهَا شِعْرِي وَمُعْتَكَفِي
مَا زِلْتُ أَسْكُنُهُا عِشْقاً وَتسْكُنُنِي
وَالْيْومَ رُمْتُ خَلِيجَ العُرْبِ أنشدهُ
الْفَخْرُ يَكْسُو دَمِي.. وَالنّورُ يَغْمُرُنِي
هُنَا دُبَيُّ عَلَى الشَّطَّيْنِ فَارِعَةٌ
مَنَارَةُ الحُبِّ.. لِلْحَادِي وَلِلسَّفنِ
حَتَّى السَّعَادَةُ قَدْ أرْسَتْ لِسَاكِنِهَا
وِزَارَةً.. يَا لِوَحْيٍ.. نَافِذٍ.. فَطِنِ
غَدُ الحَضَارَةِ في عَيْنَيكِ حَاضِرُهُ
يَهْدِي.. ويُهْدِي بِاَ مَنٍّ وَلا ثَمَنِ
الشَّرْقُ وَالغَرْبُ والدَّانَاتُ حَاضِرَةٌ
طَابَ الغِنَاءُ فَهَاتِي عُودَكِ اليَمَنِي
مِنْ كُلِّ فَجٍّ أتَتْكِ النَّاسُ أَجْمَعُها
مِنْ كُلِّ لوْنٍ وَمَا فَرَّقْتِ فِي السَّكَنِ
قَدْ كُنْتُ أرْسُمُ قَبْلَ الفَيْضِ قَافِيَتِي
وَاليْوْمَ فِيكِ فُيُوُضُ الشِّعْرِ تَرْسُمُنِي
ثُمَّ امْتَزَجْنَا فَصِرتِ المُزْنَ فِي لُغَتِي
حَتَّى انْهَمَرْنا فَصَارَ الغَيْمُ يَكْتُبُنِي
مَنْ أَنْسَنَ البَرَّ لَوْلا رُؤْيَةٌ سبَقَتْ
وَأَنْسَنَ البَحْرَ حَتَّى اكْتَظَّ بِالسُّفُنِ
يَا دَارَةَ الرُّشْدِ، وَالَْفْكَارُ رَائِدَةٌ
فِيْكِ التَّفَرُّدُ.. مَأْمُونٌ لِمُؤْتَمِنِ
دَارٌ بِهَا الطِّيبُ مَعْجُونٌ بِفِطْرَتِهَا
وَإِنْ رَمَتْهَا سِهَامُ الكُرْهِ والظِّنَنِ
ضُمِّي عَلَى الدُّرِّ مِنِّي جُوْدَ أَخْيِلَةٍ
أَرْسَلْتُها كَالْجِيَادِ الْجُرْدِ تَسْبِقُنِي
أَوْ أنَّهَا الطَّيْرُ إذْ تَسْمُو لغَارَتِها
فِي نَاظِريْها سُكُونُ الرِّيْحِ والزَّمَنِ
الْقصْدُ يَا عِطْرُ أنَّ الحَرْفَ يَفْضَحُنِي
بِالحُبِّ يَلْهَجُ فِي سِرِّي وَفِي عَلَنِي
أَهْلُ الإِمَارَاتِ أَهْلِي فِي تَوَاضُعِهِمْ
وَفِي نَدَاهُمْ، وَمَا يَنْسَابُ مِنْ شَجَنِي
***
* الأعشَى:
يُضاحِكُ الشمْسَ منْهَا كَوْكَبٌ شرِقٌ
مُؤزَّرٌ بِعَمِيمِ النّبْتِ مُكْتَهِلُ
** جَرير:
حَيِّ المَنَازِلَ إِذْ لا نَبْتَغي بَدَلاً
بِالدَّارِ دَاراً، وَلا الجِيرَانِ جِيرَانَا