«الجزيرة» - ناصر السهلي:
لم يمنع اعتراف وزير التعليم د. أحمد بن محمد العيسى بقصور أداء وزارته في التعامل مع وسائل الإعلام، وعدم مقدرتها على ترجمة وملاحقة كل ما يجري على مستوى البرامج والأنشطة والمشروعات، مسؤولي الصحف والكتاب من انتقاد الوزارة واستعراض أبرز مشكلاتها التي تسببت في استمرار تدني صورتها الذهنية في المجتمع، وذلك بعد ورشتي عمل نفذتها الوزارة أول أمس دعت إليها عدد من كتاب الرأي، والصحفيين، والأكاديميين.
العيسى أوضح أن تشعب القضايا المطروحة في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وكون الوزارة لا تزال تعمل بنمطية تقليدية في عملية اتصالها مع قنوات ووسائل الإعلام والتواصل جعلها لا تتجاوز «ردة الفعل» لكل ما ينشر ويكتب عن التعليم فضلاً عن التسارع التقني الذي أسهم في انتشار الأخبار السلبية والقضايا التعليمية في دقائق فيما يتطلب التحقق من صحتها ومتابعتها والرد عليها أيام عدة، وهو ما يسيئ للصورة التي نسعى لتحسنها عن التعليم من خلال ما نريد إيصاله من رسائل للمجتمع.
لكن الوزير عاد مشيداً بالجهود الاستباقية الملموسة التي نفذتها إدارة العلاقات والإعلام قبل بدء العام الدراسي، وذلك عبر خلق شراكة مجتمعية باستقطاب المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، وبقية وسائل الإعلام، وتهيئة المجتمع بعدد من الرسائل التوعوية والتحفيزية التي كان لها أثر إيجابي في بداية عام دراسي جاد.
وأضاف هناك الكثير من الشواهد والبرامج والرسائل الإيجابية التي لم تصل للرأي العام من خلال منظومة الإعلام، والتواصل الاجتماعي على مستوى المدارس والجامعات، وعلى المستوى الوطني والإقليمي حققها طلابنا وطالباتنا لا نجد منها في وسائل الإعلام إلا النزر اليسير الذي لا يغير الصورة.
وأوضح العيسى أنه بدون تعليم يحقق هذه النقلة فإن خطط وبرامج التنمية ورؤية المملكة 2030 م لن تكتمل أهدافها، مشيراً إلى رفع تقرير كل 3 أشهر لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، والأجهزة الملحقة فيه لمتابعة إنجازات المشاريع والبرامج ومدى تحققها.
وكشف العيسى عن قيام وزارته بتطوير إستراتيجية خاصة بالتعليم ضمن برنامج تعزيز الشخصية الوطنية والتي هي الآن محل تدارس من قبل المجلس والبرنامج.
وبين الوزير أن قطاع التعليم الذي يشهد حراكاً وجهداً بشريين، معرض للقصور أو الاستعجال لفرض قرارات تعليمية قبل تهيئة المجتمع لها مثل إقرار ساعة النشاط مؤكداً أهمية إحداث «هزة» داخل النظام التعليمي تنبه الزملاء فيه لحتمية التغيير وأهمية التطوير.
وأكد أن تقييم هذه الساعة المقررة في المدارس كل نهاية فصل دراسي، يأتي بهدف التطوير لا الإلغاء، وأن ما ينظر له البعض من تهميش أهمية انضباط حضور الطلاب، ننظر إليه في الوزارة بشكل مختلف بسهم في تحقيق نظام تعليمي جاد ومنضبط، واصفاً عدم أداء المعلم واجباته في العمل، وتجاوز الطلاب الحد المقبول في الغياب بالفساد الذي يجب مكافحته.
وعلى الرغم من أن الوزير العيسى ردد عبارة «جئت لكي أسمع منكم» بعد إعلان توصيات الورشتين التي تخللتها مداخلات الإعلاميين والكتاب والصحفيين حول مفهوم الشراكة بين التعليم والإعلام، إلا أن الضيوف أمطروا الوزير بوابل أسئلتهم واستفساراتهم عن الشأن التعليمي، والقضايا التعليمية الشائكة، مما دفع الوزير للتحدث أكثر من الاستماع.
الأسئلة الأكثر سخونة للتعليم أطلق شرارتها الكاتبان د. عبدالله الفوزان، ود. سلطان العنقري وتعلقت بدور الوزارة في خلق المواطنة، وصياغة مفاهيم الولاء في نفوس الطلاب، وجهود الوزارة لمنع انتشار الفكر المتطرف بين المعلمين، ومحاربة الفساد الذي شهد حراكاً ملموساً الأسبوع الماضي.
جاء رد الوزير العيسى صريحاً بأن وزارة التعليم أمامها مساحة كبيرة للعمل في تطوير برامج مؤثرة لإعادة صياغة مفاهيم تتعلق بالولاء، ومحاربة الفساد وصولاً لعقل الطالب في المدرسة بطرق تفاعلية ذكية بعيداً عما كان مستخدماً من طرق الخطابة، والنصح المباشر الذي تجاوزه الزمن في ظل الانفتاح التقني، وانتشار المعرفة.
وتابع العيسى: هذا الأمر دفعنا لإعادة النظر في برنامج فطن الذي أبعدنا عنه عدة أشخاص لوجود ملاحظات فكرية عليهم، واستخدامه أساليب تقليدية في التوعية.
وقال أسسنا مركز الوعي الفكري وفق إستراتيجية مختلفة بحيث تكون جميع برامج التوعية تحت مظلته ومنها «فطن» و»حصانة» معولاً في هذا الاتجاه على ما يرد للوزارة من ملاحظات وأفكار تطويرية من وسائل الإعلام وكتاب الرأي لتحقيق نتائج أفضل.
لم تغن مداعبة الوزير العيسى للكتاب والصحفيين الذين كانوا ضيوف الوزارة في لقاء مفتوح عن الشراكة وتكامل الأدوار، وتبادل المحتوى عندما ناشدهم مبتسماً «نحتاج معاملة خاصة من وسائل الإعلام للتعليم»، وذلك باعتبار ما يحدثه التعليم الحقيقي من تغيير في تكوين الشخص الفكري، والعقلي، والذهني ويشكل حافزاً للاستعداد والعمل مدى الحياة، والرفع من قدرة الطلاب على الاستيعاب والتحصيل، إذ ترى الكاتبة د. عزيزة المانع أن وزارة التعليم لم تحرز تقدماً ملموساً فيما يتعلق بتطوير المعلم مؤكدةً أنه يأتي قبل تطوير المناهج، والمباني التعليمية، والأجهزة، مستشهدةً بما يحظى به الطبيب السعودي من ثقة المجتمع بعكس المعلم.
العيسى أكد أنه منذ اللحظات الأولى لاستلامه حقيبة التعليم كان هاجسه الأول تطوير المعلم، من خلال إعادة معايير القبول، وتغيير الخطط الدراسية في كليات التربية، بحيث تقتصر على التخصص في مرحلة البكالوريوس، ثم يلتحق الطالب الذي يرغب الالتحاق بمهنة التعليم ببرنامج للتأهيل التربوي وهو ما يعادل درجة الماجستير، مشيراً أن هذا هو المعمول به في معظم كليات التربية في دول العالم، ومنها فلندا التي لا تسمح لمن هم أقل من حملة الماجستير بالدخول لمهنة التدريس.
وأضاف أن السبب فيما يحظى به الطبيب السعودي من ثقة المجتمع أكثر من المعلم هو قيول كليات الطب أفضل طلاب المرحلة الثانوية، بعكس كليات التربية التي تختار طلاباً أقل بثلاث أو أربع مراحل في الأفضلية.
ووصف العيسى في معرض رده أن هذه الأعداد الكبيرة التي تدرس في كليات التربية أسهمت في تشتت جهود الكليات، فضلاً كون بعض المناطق لا يوجد فيها سوى هذا النوع من الكليات ما جعلها تستوعب جميع الخريجين. وذكر أن أهم تحد واجهته وزارته في مشروع تدريب المعلمين الدولي « خبرات» ضعف وتدني مستوى المعلمين في اللغة الإنجليزية مما يدفعنا للتفكير في تأهيلهم ثم تطويرهم. وناشد وزير التعليم الإعلاميين وكتاب الصحف إنصاف مشروع وزارته في الحد الجنوبي ورصد تجربتها على المستوى الدولي قائلاً: «ما تقوم به الوزارة في مشروع توأمة المدارس، أو المدارس البديلة منذ بدأت أحداث منطقة الحد الجنوبي جهود جبارة بعد أن أغلقت مدارس (120) ألف طالب وطالبة ما دفع الوزارة لتقوم بنقل يومي لهذا العدد وتوفير مدارس بديلة تعمل على ثلاث فترات.