يقاس تقدم الأمم والشعوب بصحافتها وبانتشار العلوم والرأي بين أفراد مجتمعها.. وكلما ارتفع مستوى أبنائها العلمي رقت صحافتها وارتفع مستوى عطائها.. واتسع انتشارها.. وأقبل الناس يتابعونها.. ويرصدون ما تتطرق إليه على أعمدتها من المقالات التي تعالج بعض جوانب الحياة.. وتسلط الأضواء على سلبيات المجتمع.. وتنير الطريق لطالبي العلم والمعرفة.. وترشد المسؤولين عن مكمن النقص وموضع الخلل في أداء بعض الأجهزة الحكومية.. وبهذا تسلط عليها الأضواء فيعمل المسؤولون على إصلاح ما أعوج، وتقويم ما مال، وتصحيح الأمور بشكل يعيد الأمور إلى نصابها.. ويضاعف من الأداء، فتعم المنفعة للجميع.. وتزول بهذا أسباب التذمر والشكوى..
والصحافة مهمة في الدول المتقدمة.. وينظر لها الآخرون بمنظار الفاحص فيحكمون منها على واقع المجتمع ورقيه.
ولهذا فقد اهتمت الدول بالصحافة وعملت على إيجادها ومساعدتها ودعمها بالمال والتوجيه السديد بحيث تتمكن من أداء رسالتها بالشكل المطلوب.. وقديماً كان الشعر هو لسان الأمة.. يدافع عنها ويحكي مآثرها.. وكل قبيلة تعمل جاهدة على الرفع من شأنها ونشر أخبارها بواسطة الشعراء من أبنائها.. فكان الشاعر آنذاك بمنزلة الصحيفة الناطقة.
أما في وقتنا الحاضر فقد أخذت الصحافة والصحف في الانتشار لتقوم برسالتها.. فهي بحق لسان الأمة المعبر عن أغراضها وآرائها وأفكارها.. فهي دليل رقيها وحضارتها.. تتحدث عن أحوال البلاد الداخلية وإنجازاتها وعن أحداثها وحوادثها التي تحدث داخلياً.. وبواسطتها تعطى النصائح والإرشادات والتوجيهات للمجتمع.. وهي منبر يتعاقب عليه الخطباء.. والوعاظ.. والحكماء والشعراء وأصحاب الفكر من الساسة وغيرهم... فهي المرشد والناصح.. والسائح المتجول الذي يطوف البلاد فيشعر الناس بالأخبار.. والمعلومات.. والصحف تنشر بواسطتها توجيهات الدولة وتعليماتها.. وتوجيهاتها ونصائحها..
والصحف من أهم الوسائل التي تؤخذ عنها معلومات عن أفكار الدولة وتوجهاتها ومرئياتها.. ومواقفها من الأحداث.. فكثيراً ما يعرف الآخرون مواقف الدول من واقع ما يُنشر من مقالات وتحليلات أو تعليقات سياسية بإحدى صحفها رغم كونها ليست الصحيفة الرسمية الناطقة باسم الحكومة لأن معظم الدول لها صحيفة رسمية تعبِّر عادة عن رأيها.. وما يُنشر على صفحاتها يعتبر رأي الحكومة رغم عدم تذييل ذلك بذكر المصدر الرسمي الذي صدر عنه ذلك الرأي أو التحليل.. لأن مثل هذه الصحف غالباً ما تعبِّر عن رأي الدولة التي تصدر الصحيفة في بلادها..
والصحف وسيلة مهمة من وسائل حماية المجتمع وتوجيهه الوجهة السليمة. والصحف تأخذ على عاتقها مهمة الدفاع عن الأمة والمجتمع الذي تنتمي إليه وتتحدث باسمه.. والصحف كالشمس المشرقة تكشف الحقائق.. وتنير الطريق للمجتمع.. وتحميه من الأفكار الهدامة والسلوك المنحرف والعادات الوافدة.
ويختلف عدد الصحف وتخصصها من دولة إلى أخرى.. ويقف الإنسان بواسطة الصحف على حوادث العالم على اختلاف مواقعها من الكرة الأرضية.. فيعلم بها وهو في بلده أو قريته.. فيحيط بما يجري بين الدول من حروب ومشاحنات.. ومشكلات واتفاقيات ونزاع وخصام ونحو ذلك.. غير أن أهمية الصحف بالنسبة لأحداث العالم قد قلت في الآونة الأخيرة لأن الرائي - التلفاز - والأقمار الصناعية التي تبث بواسطتها الأحداث في حينها قد اختلت مركز الصدارة من اهتمامات المتلقي.. وأصبحت الصحف في المنزلة الثانية من الأهمية.. ورغم هذا فالصحف تحظى بالكثير من الاهتمام.. لأنها تحافظ على الخبر مدوناً على أعمدتها فيتمكن من قراءته من لم يسعفه الوقت لمشاهدة وسماع ذلك بواسطة التلفاز أو المذياع.
ولا شك أن أهمية الصحف بدأت تقل بعد انتشار وسائل الاتصال المختلفة، ورغم ذلك فالصحافة لها من اسمها نصيب.
وستظل الركيزة الأساسية في نشر الأخبار والدراسات العلمية، والأوامر والمراسيم الملكية.. فهي الصحافة بمعناها المفهوم.
** **
- وكيل إمارة منطقة القصيم سابقاً