اللواء الركن م. د. بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود
بحلول اليوم السابع عشر من شهر نوفمبر هذا، لعامنا هذا (2017 م)، تكون قد مضت مائة عام بالتمام والكمال على وعد بلفور المشؤوم، الذي أقرَّه البرلمان البريطاني بضغط ذكيٍّ شديد من الحركة الصهيونية العالمية في روسيا وأوروبا وأمريكا؛ التي واصلت ضغطها حتى على الأمم المتحدة نفسها، لتتبناه الأخيرة رغم أنفها، فيتحول من وعد أدبي غير ملزم قانوناً، إلى قانون نافذ، عملت الحركة الصهيونية العالمية بصدق وإخلاص وجد وتجرُّد ونكران ذات وفكر متقدم وطموح لا يعرف حدوداً، لحمل العالم على الوفاء به، طوعاً أو كرهاً، بعد (27) سنة من انتداب بريطانيا على فلسطين، بين عامي 1920 - 1947م؛ الذي عملت بريطانيا خلاله على تكريس هجرة اليهود من كل أصقاع الدنيا إلى أرض فلسطين، لترجيح كفَّة الوضع الديموغرافي لصالح الوطن القومي اليهودي المرتقب، الذي أصبح الآن حقيقة ماثلة للعيان، رغم أنف منظمات حقوق الإنسان، التي هي أسد علينا نحن العرب والمسلمين، أمَّا على غيرنا، فنعامة ربداء تجفل من صفير الصَّافر.
والحقيقة، أجدني في غنىً تام عن تشتيت ذهن القارئ الكريم بالحديث عن جهود الحركة الصهيونية العالمية الحثيثة الصادقة، لتحقيق الحلم اليهودي بوطن قومي لهم في فلسطين، أرض الأنبياء، قلب العالم، ملتقى حضاراته ومستودع إرثه الثقافي، إلاَّ أنني أود صادقاً أن يعيد العرب، كل العرب في المشرق والمغرب، قراءة هذا الجهد الصهيوني المذهل، الذي استطاع تجييش العالم وتجنيده لخدمة مشروعه الطَّموح، فنجح بمهارة فائقة في انتزاع شعب كامل تام السّيادة على أرضه من جذوره، ليغرس وطناً جديداً تماماً بهوية جديدة، بل يذهب بذكائه وعمله الدءوب وتوحيد جهوده من أجل مشروعه، ليسخِّر بعض ضحاياه أنفسهم لحراسته ضد الأغلبية الرافضة الغاضبة التي لا حيلة لها ولا حول ولا قوة غير اجترار ذكرى (لاءات) العرب (العنيدة المجيدة).. وبالطبع ليس أقلهم الأب ندَّاف الذي (شرَّفه) اليهود بإشعال الشموع في عيدهم الوطني، احتفاءً بذكرى تأسيسه الخالدة على أنقاض (وطن) ندَّاف وقومه؛ نظير إخلاصه لدولة إسرائيل وتجنيده الشباب العربي الفلسطيني من الجنسين لخدمة (العَلَم الإسرائيلي)، ومحاربة (المتطرفين) الفلسطينيين من قوم ندَّاف، الذين يحلمون بطرد المستعمر واستعادة وطنهم السليب من قبضة المحتل قاتل الأطفال وميتِّمهم ومرمِّل النساء، كما وصفه أخي العربي الشُّجاع مرزوق الغانم رئيس مجلس الأُمَّة الكويتي، الأكثر فلسطينية من كثير من الفلسطينيين، على فضائيات العالم؛ غير آبه بمكر بني صهيون.
أقول، مضت اليوم مائة عام بالتمام والكمال على وعد بلفور المشؤوم، وها هي (دولة إسرائيل) التي ولدت من رحم العدم، تتحول إلى دولة تناهز دول العالم الأول، بل تبز بعضها في كثير من جوانب الحياة، وتتمتع بعلاقات طبيعية مع (160) دولة في العالم، أي أكثر من (80 %) من مجموع دول العالم كلها، ثم تشيِّد المدارس والمعاهد والجامعات، والمستشفيات المتقدمة والمطارات العالمية، وترصف الطرق وتبني الجسور والأنفاق، وتؤسس مراكز الأبحاث والمزارع، وتصدِّر للعالم كل شيء، من الطماطم حتى التقنية المتقدمة والأسلحة الذكية و(الخبيثة) أيضاً؛ بل أكثر من هذا: تتحول إلى خامس دولة نووية في العالم، بعد أمريكا (الأب الروحي لإسرائيل) ثم روسيا، فبريطانيا، التي بذرت بذرتها الأولى بوعدها المشؤوم، وفرنسا التي نجح ذكاء الصهيونية في تحييدها من الانتداب المشترك مع بريطانيا على فلسطين، الذي ربَّما كان من شأنه عرقلة المشروع الصهيوني أو تأجيله على الأقل لبعض الوقت، ريثما يستيقظ العرب من غفوتهم؛ فأخلت بذلك الساحة لبريطانيا وحدها التي كانت تبيِّت النيِّة لإخلاء الجو لليهود في لعبة مكشوفة للعالم كله، إلا لعين العرب التي كانت كليلة. ولم يقف دور فرنسا هنا، بل كافأت اليهود بعد تأسيس دولتهم وزودتهم بالقوة النووية التي ردعت نيّة العرب في استعادة فلسطين، بل ألجمتهم عن أي عمل جاد لفك أسرها من نير اليهود.
أقول، حقَّقت إسرائيل هذا كله، من خداع الحركة الصهيونية لبريطانيا، ووقوفها معها في الحرب العالمية الثانية، إلى استصدار الوعد المشؤوم، ثم إقرار الأمم المتحدة له، فإعلان تقسيم فلسطين بموجب الكتاب الأبيض عام 1939م؛ وصولاً إلى إعلان ابن غوريون، الأكثر شؤماً من إعلان بلفور نفسه، ميلاد (دولة إسرائيل) في 14/5/1948م، الذي قابلته (لا) صاخبة من كل لسان عربي مبين، بعد أن رفع العرب الراية البيضاء مستسلمين للأمر الواقع، واصفين لأكبر مأساة لهم في التاريخ بمجرد (نكبة)، إلى تهجير ما تبقى من الفلسطينيين وقتلهم وملاحقتهم حيثما كانوا في مخيمات اللجوء وبلدان الشتات، من دون استثناء حتى للقادة الكبار: أبو إياد، أبو جهاد، أبو الحسن، أبو... أبو... وقائمة طويلة عريضة من (الآباء الأشاوس)، يصعب حصرها؛ بل لم يسلم حتى أبو عمَّار، الأب الروحي للكفاح الفلسطيني، إذ استدرجه شارون ليغتاله وسط ربعه، في تراجيديا ما تزال لغزاً محيِّراً، لن يفك شفرته إلا الفلسطينيون أنفسهم، للأسف الشديد. ولم يقف عصف الفكر الصهيوني عند هذا الحد، بل واصل عمله الدءوب للتضييق على الفلسطينيين في ما تبقى لهم من فتات أرض لا يتجاوز الـ(20 %) في أحسن الأحوال من أرض فلسطين التاريخية، وحصارهم واعتقال نشطيهم وحبس كل شيء عنهم أو تسميمه؛ ما عدا الهواء الذي أدهشني عجز منظري حاخامات إسرائيل وعلمائها عن حبسه عن الفلسطينيين أو حتى الاكتفاء بتسميمه.
حقَّقت إسرائيل هذا كله، فيما نحتفظ نحن العرب بأرشيف مثخن بـ (اللاءات العنيدة العتيدة) لمجرد العناد، الذي لم يتبعه أي مشروع حقيقي أو خطة جادة تخدم تحقيق تلك (اللاءات) وتفرضها على العدو المغتصب لانتزاع الحقوق بالقوة.. ألسنا نحن العرب أصحاب المقولة الخالدة: ما أُخِذ بالقوة، لا يُسْتَردُّ إلا بالقوة.. يعني (كلام × كلام). قلنا (لا) لهجرة اليهود إلى فلسطين في البداية، ثم قلنا (لا) لتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، ثم قلنا (لا) لهزيمة 1956م، إثر العدوان الثلاثي على مصر، وقلنا (لا) لهزيمة 1967م، وسميناها (نكسة)، بعد أن قلبنا (باء النَّكبة) (سيناً)، لأننا نفتقر إلى الشجاعة التي نواجه بها أخطاءنا، فاستمرأنا الكذب حتى على أنفسنا.
وعلى كل حال، لا أدري ما هو المسوغ الذي استند إليه محمد حسنين هيكل، أشهر وزراء إعلام ثورة يوليو (المجيدة) ومنظريها، الذي صاغ خطاب عبد الناصر، الذي أعلن فيه (تنحيه) بسبب (النَّكسة، أخت النَّكبة) طبعاً، ليعود (جندياً مقاتلاً) في صفوف الجيش الوطني. وهي النسخة نفسها التي أعاد الأخ مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان السابق، طباعتها بعد أكثر من (60) سنة للترجُّل عن صهوة القيادة، لكن كالعرب أيضاً: بعدما كاد قراره بشأن الاستفتاء على استقلال الإقليم، وعناده عن التراجع عنه، يذهب بالإقليم أدراج الرياح. وعلى كل حال، فحسناً فعل لأن الأمر اقتصر على خسائر مادية فقط، وإن كانت جمَّة، ليس أقلها كركوك التي تحتوي على (40 %) من احتياطي نفط العراق.. ويبدو أن الأخ البرزاني تأثر هنا أيضاً بمقولات العرب الخالدة: أن تصل متأخراً خير من ألاَّ تصل أبداً.
وبالعودة إلى (لاءات) العرب (العنيدة العتيدة)، نجد أننا أصدرنا طبعة متميزة من أشهر الـ (لاءات) في تاريخ أُمَّة العرب، بعد أن ضاعفناها إلى ثلاث (لاءات) في قمة الخرطوم الشهيرة التي عقدت عام 1967م، للبحث في سبل (ناجعة) لعلاج آثار (النَّكسة، أخت النَّكبة)، التي تحولت للأسف الشديد، إلى نكسات ونكبات متدحرجة كقطع (الدومينو). فقال الفلسطينيون (لا) لبقاء الاحتلال، وها هو الاحتلال يتمدد اليوم من (المَيَّة إلى المَيَّة)، محققاً أطروحة الفلسطينيين بإصرارهم على استعادة كامل أرضهم من براثن المحتل العنيد الشَّرس، لكن حدث هذا، للأسف أيضاً.. وما أكثر أسفنا نحن العرب، في (الاتجاه المعاكس)، وهو الاتجاه نفسه الذي أذكى به فيصل القاسم من قناة (الفتنة) في (الدوحة) نيران الحرب الأهلية في بلدان (الجحيم العربي)، الدوحة التي كنَّا نتمنى صادقين أن يكون لها من اسمها ولو بعض نصيب، فتظلل العرب بالأمن والسلام، لا تتآمر مع أعدائهم لإذلالهم وتدمير بلدانهم على رؤوسهم، بل تبلغ الجرأة بأولئك الأعداء حد الوقاحة للاعتداء على بيت الله الأمين؛ وإن كنت لست معتاداً على استخدام مثل هذه الألفاظ، إلا أنني لا أجد كلمة مناسبة للتعبير هنا عن مدى غضب السعوديين على كل من تحدثه نفسه بالاعتداء على مقدسات المسلمين التي شرَّفهم الله بحراستها والعناية بها وتهيئتها لقاصديها من المسلمين من كل فجٍّ عميق.
ثم يستمر مسلسل الـ (لاءات) العربية (العنيدة العتيدة)، فقال الفلسطينيون (لا) للمصالحة بين (الإخوة الأعداء، فتح وحماس) لعشر سنوات عجاف، فتجذَّرت مأساة غزَّة وحولها ذكاء اليهود إلى ركام، وأفسد حتى بيئتها التي لم تعد صالحة للحياة بشهادة الأمم المتحدة، التي تدَّعي أنها حامية القيم الإنسانية، مع أنها هي الأمم المتحدة (على العرب والمسلمين فقط بالطبع) نفسها، التي أقرَّت وعد بلفور، وحوَّلته إلى قانون ملزم بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين كما تقدَّم، لكن ذاكرة العرب كليلة كما قلت.. وليس حال الضفة بأفضل من حال غزَّة، بعد أن صار كل شيء يحصل عليه أهلها من اليهود، مقابل خدمة جليلة يقدمونها (لدولة إسرائيل) حسب اتهامات (الإخوة الأعداء في حماس لهم).
وللأسف الشديد، يستمر مسلسل أسف العرب، كما يستمر مسلسل (لاءاتهم)، وإن كان ما لحق بالعرب في فلسطين وحدها من غبن وظلم يكفي لهد الجبال؛ لكن مع هذا، ليت الأمر وقف عند هذا الحد مع فظاعته، بل تدحرجت (لاءات) العرب، وقل (خيباتهم)، فقال محمد سياد بري (لا) للترجُّل عن صهوة السلطة في الصومال، فتحولت البلاد إلى دويلات، بل إلى شظايا متناثرة هنا وهناك، وتعبت حتى مدافع إسرائيل التي أذكت لهيب نار حربها الأهلية، فقضت على الأخضر واليابس، وسئم العالم متابعة أخبارها ونسيها تماماً اليوم، لدرجة أنها أصبحت تساوي في خيالنا بلاد (الواق واق). وقالت الحكومات السودانية المتعاقبة منذ الاستقلال (لا) لاقتحام الجنوب ودمجه في المجتمع السوداني عن طريق مشاركة حقيقة في حقوق المواطنة وواجباتها، فعجزت الخرطوم التي صدرت منها أشهر (لاءات) العرب الثلاثة عام 1967م كما تقدم، عن الحيلولة دون تقسيم البلاد إلى سودانين متنازعين.. وللأسف الشديد، كما انتقلت عدوى (لاءات) العرب للإخوة الأكراد في كردستان العراق، انتقلت أيضاً لزعماء الدولة الوليدة (الخديج) في جنوب السودان، فما أن تم الإعلان عن ميلادها، حتى قالت النخبة الحاكمة (لا) بملء الفيه، على طريقة العرب، للآخرين؛ فاستعرت حرب أهلية أشد ضراوة من ذي قبل، جعلت الجنوبيين يندمون على اليوم الذي صوتوا فيه لصالح انفصال دولتهم واستقلالها عن الدولة الأم. وهي اللعنة نفسها التي لحقت بكل الإخوة العراقيين الذين فتحوا بلادهم لتدوسها خيول الغرب، لتسلمها في النهاية لإيران على الوجه الذي رأينا، مما دفع معظم الإخوة العراقيين، بمن فيهم الإخوة الشيعة، لعض أصابع النَّدم على ذهاب صدام حسين، مع ما ارتكبه من ظلم، ليس في حق العراق فحسب، بل في حق الأُمَّة كلها، عربيها ومسلمها.
وقس على هذا (لا) صالح غير الصالح في اليمن (السعيد)، و(لا) بشار غير السار في سوريا، و(لا) قذافي ليبيا.. تلك (اللاءات العنيدة العتيدة) التي جعلت اليوم في كل تلك البلدان، لا أقول فلسطين جديدة، بل أكثر من صومال جديدة، للأسف الشديد. وراوح حسني مبارك في مصر بين (لا) و(نعم) ممسكاً بالعصا من وسطها، فكانت فاجعة ميدان رابعة العدوية، التي ما تزال تتبعها جرائم إرهابية شنيعة، خاصة في صفوف القوات النظامية بمختلف تشكيلاتها، مبدِّدة جهد الحكومة في البناء والتعمير.. وحده ابن علي في تونس (الزعيم) الذي عرف جيداً متى يقول (نعم) ومتى يقول (لا)، فأدرك قبل فوات الأوان أنه لم يعد بوسعه أن يقول لشعبه (لا) أكثر مما قالها، حتى إن كانت همساً، فترك التونسيين وشأنهم، حاملاً معه ما خفَّ وزنه وغلا ثمنه. وعليه أتمنى من كل قلبي أن يكون الإخوة في تونس قد استوعبوا الدَّرس، قبل أن ينتظروا مائة سنة، فلا يتهاونوا مع أيَّاً كان ممن يسعى إلى جر بلادهم إلى فوضى بقية دول (الجحيم العربي).
وختاماً:
أترك إجابة السؤال الذي ورد في عنوان المقال، لك أيها القارئ الكريم. وكل ما أتمناه أن يدرس العرب بجد، فكر الحركة الصهيونية العالمية، ومن ثم يوظفونه لإكراه العالم على الخضوع لـ(لاءاتهم) وتحقيق طموحاتهم واسترداد أراضيهم السليبة بعد طرد الدخلاء الذين أحرقوا العالم العربي بشعار (المظلومية) البغيض.. فبضدها تعرف الأشياء. لكن قطعاً ليس قبل تسوية مشكلاتهم وتوحيد صفِّهم وتصفية نيتهم. فإن قالوا (لا) في اليوم الذي أقرَّ فيه البرلمان البريطاني قبل مائة عام من يومنا هذا، وعد بلفور المشؤوم، لأي تعامل مع بريطانيا من أي نوع، ما لم تمزق وعدها لليهود في اليوم نفسه الذي اعتمدته فيه على الملأ، وتلتزم بالعمل على تحقيق هذا الالتزام في السِّر أيضاً بصدق وإخلاص، لما ضاعت فلسطين، وظلينا نتباكى عليها لسبعة عقود.. والله وحده أعلم إلى متى سنظل نذرف الدمع الثخين على ضياعها، وما يلحق بأهلها وحتى أرضها من أذىً جسيم. لكن بريطانيا التي تفخر اليوم باحتفاظها بالطاولة التي وقَّع عليها بلفور ذلك الوعد المشؤوم، وجعلت منها مزاراً ومحجَّاً تشد إليه الرحال لمسؤولي (دولة إسرائيل)، بل تعلن احتفائها بكل فخر بالذكرى المئوية لوعد من لا يملك لمن لا يستحق.. بريطانيا التي تتصرف مع العرب بهذا الاستخفاف، لم تكن لتعيرهم أدنى اهتمام، لما رأته من هوانهم على أنفسهم.. وعلى كل حال، بصراحة شديدة (لا) ألومها (من حقي أنا أيضاً أن استخدم الـ»لا» ولو لمرة واحدة.. ألست عربياً!)، ألم نقل نحن العرب أصحاب البلاغة والفصاحة والخطابة والخطب الرَّنانة والـ(لاءات العنيدة العتيدة)، إن من هانت عليه نفسه فهو على غيره أهون؟.
أجل، لو قال العرب (لا) بلسان عربي مبين واحد متحد، لكل من يتربص بأي عربي في أي مكان من الدنيا، لما فعلت بنا إيران كل هذا الذي تفعله اليوم من استباحة لبلداننا والتدخل في شؤوننا، ونحن عصبة، وهي دولة واحدة تكون في أضعف حالاتها مهما قويت شوكتها أمام (لا) عربية واحدة متحدة صادقة، تخرج بلسان رجل واحد يعبِّر عن الأُمَّة كلها.. بل لو قلنا (لا) بلسان عربي مبين واحد متحد لأي طامع فينا أو متآمر على مصالحنا، حتى إن كان من بني جلدتنا، لكان لنا أكثر من مقعد دائم في مجلس الأمن، وأكثر من فرصة لإشهار (الفيتو) في وجه كل من يهدد مصالح العرب والمسلمين.
فيا ترى متى يستوعب العرب الدَّرس، إن لم يكونوا قد استوعبوه اليوم بعد مائة سنة؟ وصدقاً: لا أدري؛ غير أنني أتمنى من كل قلبي، ألاَّ يتطلب الأمر منَّا مائة عام عجاف أخرى؛ مع أن تعداد اليهود اليوم لا يزيد عن (3) ملايين نسمة في أحسن الأحوال، مقابل نحو (300) مليون عربي، يشكلون (5 %) من إجمالي سكان العالم.. أي أن تعداد اليهود يشكل اليوم (1 %) فقط من تعداد العرب، ومع ذلك فعلوا بنا ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت.. فأتمنى صادقاً أيضاً: ألا يكون العرب غثاءً كغثاء السَّيل.