جاسر عبدالعزيز الجاسر
اللبنانيون من الشعوب العربية التي تأتي في المقدمة من حيث الثقافة والعلم والمتابعة لما يجري داخل بلادها وخارجها، فلبنان من أولى الدول العربية المتقدمة ثقافياً، ولهذا فاللبنانيون لا يمكن أن تخدعهم سواء في تعاملك التجاري ولا السياسي، وإن خضع لبنان لسيطرة المليشيات فلأن القوة دائماً تتفوق على الثقافة، وهي حالة تترجم مقولة تفوق البندقية على الكتاب، ومع أن البندقية هي التي تحكم لبنان فإن اللبنانيين لا يمكن أن يخضعوا فكرياً ويعطوا لعقلهم إجازة بعد اختطاف بلادهم من قبل مليشيات حزب الله لصالح ملالي إيران الذين بعثوا بالبنادق والصواريخ إلى أرض الجمال والثقافة لفرض ثقافة القهر والموت.
يمكن للبنانيين أن يصابوا بعدة أمراض في آن واحد، مثلهم مثل غيرهم من الشعوب التي ابتليت بتسرب فيروسات الأمراض التي نقلتها مليشيات ملالي طهران الذين يحسنون نشر فيروسات الجهل والمرض والقتل.
يمكن لحلفاء إيران أن يتسببوا في مرض لبنان، إلا أن لبنان من الدول التي يقيم فيها شعب يمرض ولا يموت، هكذا هي الشعوب الحية، مثل هذا الشعب لا يمكن أن تخدعه وتفرض عليه الاختطاف والهيمنة وتربط إرادته بإدارة جماعة يعرف اللبنانيون جميعاً عمالتها وارتباطها بنظام متخلف رجعي يتناقض كلياً وبمراحل عن طبيعة المجتمع اللبناني، المتفوق ثقافياً وسلوكياً وفكرياً، وإن فرض عليه بقوة السلاح فإنما ذلك لوقت.. وقت لن يطول كثيراً.
ومثلما انتفض اللبنانيون وأنهوا سيطرة النظام السوري وتحرروا من البندقية السورية، عندما هبت ثورة الأرز، فإن إرهاصات الانتفاضة اللبنانية الأخرى للتحرر من هيمنة النظام الإيراني وأبعاد البندقة الإيرانية قد بدأت وظهرت أولى إشاراتها بإعلان استقالة سعد الدين الحريري.
إرهاصات أخذت ارتداداتها تتوالى، ولن تستطيع ادعاءات بل وحتى أكاذيب عون وبري وقبلهم دجال ملالي إيران، الملا حسن نصر الله، إيقافها، فثورة الأرز الثانية بدأت، ولا يمكن لادعاء المرتبطين بنظام طهران إقناع شعب مثقف ومتابع كالشعب اللبناني بأن سعد الدين الحريري قدم استقالته مجبراً، وأنه محتجز في الرياض، وأن استقالته غير قانونية لأنها قدمت من الخارج.
مبررات لم تقنع المتلقي اللبناني ولم ترضِ من أيد سعد الحريري في موقفه وسانده حتى من داخل الطائفة الشيعية التي اختطفها حزب الملا حسن نصر الله ووظفها لخدمة أطماع إيران، فبالإضافة إلى المرجعيات وعلماء الشيعة هناك العديد من الشخصيات اللبنانية الشيعية تؤيد الحريري، منهم رئيس مجلس النواب السابق الحسيني والنواب الشيعة غير الأعضاء في حزب الله وحركة أمل، ويساندهم أيضاً أحزاب الكتائب والقوات اللبنانية والوطنيون الأحرار وجميع أبناء الطائفة السنية الذين يعدون الحريري ممثلهم الوحيد وهو وحده القادر على إنهاء اختطاف لبنان من قبل النظام الإيراني وعملائه مهما تسلَّم هؤلاء العملاء من مناصب.