«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
تعاني مختلف المجتمعات في العالم من ظاهرة (الفساد) دول غنية ودول متوسطة الحال وفقيرة ومع هذا كل دولة لها برامجها وخططها وأساليبها المختلفة في مكافحة هذه الظاهرة ومع هذا نجدها تزداد في بعض الدول كما هي الحال في بلادنا الحبيبة وبصورة واضحة تكاد تقول مثل «المريب» خذوني. وكان من المفروض ومنذ عقود مراقبة دخل البعض ممن لا تتجاوز رواتبهم العشرة الآلاف كيف أثروا بين ليلة وضحها. وباتوا من أصحاب المليارات لا الملايين. إلا إذا كان له نشاط تجاري محمود ومعروف أو أنه ورث من والده أو أحد أفراد أسرته. أما أن يكون مقطوعاً من شجرة كما يُقال وإذا به يتحوّل خلال سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة ليصبح من أصحاب الأسهم والأراضي والعقارات. نحن نعلم جيداً أن الأرزاق بيد الله وهو يرزق من يشاء بغير حساب، لكن أن يحدث أن يملك البعض عشرات المليارات في غضون سنوات تكاد تعد أصابع اليد الواحدة وأقل.. لقد وضعت الدولة -حفظها الله- ومن خلال مختلف مؤسساتها العامة وحتى الخاصة صناديق اقتراحات وملاحظات وحتى شكاوى لما يقدّم للمواطن والمقيم من خدمات وصولاً للأفضل. وحتى تكون الإدارة على علم بما يعانيه المراجع لهذه المؤسسة أو تلك أو حتى يستفاد مما قد يوضع في الصندوق من ملاحظات وحتى توجيهات تشعر إدارة هذه الإدارة عمَّا يوجد فيها من قصور يجب البحث عن حلول سريعة لمعالجتها أو على الأقل وضعها في الاعتبار. ولكن المؤسف أن هذه الصناديق اتهمها البعض من مديري الإدارات بأنها غير ذات فاعلية ولا حتى تأثير فكم من صندوق نسي ولم يفتح، بل ربما تناسته الإدارة المسؤولة عنه وعن فتحه ومتابعة محتوياته. وما زلت أذكر عندما كنت مديراً للعلاقات العامة والإعلام بصحة الأحساء قبل عقود كيف وجهنا معالي الدكتور الراحل وزير الصحة أيامها غازي القصيبي بالاهتمام بصناديق الاقتراحات والشكاوى وأهمية وجودها في مكان بارز في كل قطاع من قطاعات الصحة، بل إنه شدَّد على مصداقية لحظات فتح الصندوق وتفريغه بحضور أكثر من موظف لرصد محتوياته وحتى لا تضيع ملاحظة أو شكوى قد تكون مهمة للعملية الإدارية والرقابية. والحق أن صندوق «الملاحظات والاقتراحات والشكاوى» له أهميته وقيمته؛ فمن خلاله نفتح المجال لنقول الحقيقة وما لدى المواطن والمقيم على حد سواء من نقد بنَّاء لما يقدَّم له من خدمات وإفساح المجال الرقابي من خلال هذه الصناديق لخدمة المجتمعوبالتالي ارتاح وأراح لأنه بلغ عن ملاحظة مهمة ولو كانت صغيرة لكنها تشير إلى شبهة فساد، فساد في الإدارة أو التعامل مع المراجعين أو تأخير في الدوام أو حتى سوء تصرف من موظف ما. وكما هو معروف على مستوى العالم فإن أفكار فرد عادي قد يكون بها الكثير من الحكم والمعلومات وحتى ما يفيد الوطن. وعلى سبيل المثال فكثير من الاقتراحات والآراء التي قدّمت عبر «صناديق الاقتراحات..» من خلال مراجعين بسطاء في دول عديدة كان لها أكبر الأثر في معالجة قصور خدمي أو المساهمة في تطوير خدمة ما. وفي عصرنا الحاضر باتت «كاميرات المراقبة» هي العين الثالثة لكل قطاع خصوصاً رجال الأمن فمن خلالها يكتشف الفاعل أو المسيء أو من يرتكب جريمة ما. ومن هنا نكتشف أننا لو كنا نراقب مراقبة دقيقة وبمصداقية لما يكتب من ملاحظات في صناديق «الاقتراحات ... إلخ « لما وصل فيه حال الفساد في وطننا الحبيب إلى درجة سقوط شخصيات ومسؤولين كبار، حيث القيمة المالية لهذه الممارسات التي دامت لعقود وشملت مبالغ كبيرة جداً من الأموال العامة المختلسة والمُساء استخدامها، وقد تتجاوز القيمة المحتملة لهذه المبالغ حدود 375 بليون ريال وفقاً لما تبيَّن من التحقيقات الأولية. وحسب ما أشارت إليه النيابة العامة كما جاء في «الجزيرة» وماذا بعد يجب علينا أن نصيخ السمع لما يُكتب أو يُقال في صناديق الاقتراحات والشكاوى.. فليس هناك دخان بدون نار.. والله الموفِّق!