عبدالله العجلان
كنا في السنوات الأخيرة وتحديداً بعد رحيل الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله -، وقبل تولي معالي الأستاذ تركي آل الشيخ رئاسة الهيئة العامة للرياضة، أمام واقع رياضي مضطرب ومتناقض، أصبحت فيه الأندية النافذة الضاجة المفلسة التي دائماً ما تدّعي المظلومية، هي المتحكمة والأقوى والأكثر تأثيراً من الهيئة والرئاسة سابقاً وكذلك اتحاد الكرة المعيّن والمنتخب، لذلك وفي ظل الضعف الفاضح للمؤسسة الرياضية، أخذت هذه الأندية راحتها في التلاعب والعبث والتدخل في صميم القرارات، فلم تتردد في خرق الأنظمة، والتطاول والشتم والتشكيك تصريحاً لا تلميحاً، وفي مواقف وأحداث أثبتت غياب من يحاسبها ويردعها ويمنعها من التمادي في تجاوزاتها..
هذه الأجواء أنتجت حالة من الإرباك والفوضى والتباين في مستوى ونوعية القرارات، الغلبة فيها لصاحب الصوت الأكثر غوغائية، والمتضرر منها العاقل المثالي المحترم للأنظمة، وكانت انعكاساتها السلبية على نتائج ومخرجات الكرة والرياضة السعودية بشكل عام واضحة ومتفاقمة موسماً بعد آخر، والأسوأ والأخطر من ذلك، أن هنالك مسؤولين داخل اتحاد الكرة ركبوا الموجة فصدرت منهم اتهامات وتصريحات وتغريدات تمس نزاهة وكيان الاتحاد نفسه وتطعن في رئيس الهيئة، حققوا من خلالها بطولات هلامية صفق لها المرجفون، كما حدث لتغريدات الشم السخيفة للدكتور عبد اللطيف بخاري، وللأسف هذه وغيرها مرت بلا محاسبة وكأنّ كلاماً بذيئاً لم يقل..!
بعد مجيء تركي آل الشيخ انقلبت الأمور رأساً على عقب، واستطاع بقوته وحيويته واهتمامه ومتابعته وأيضاً إلمامه بكل التفاصيل، وفي فترة زمنية قياسية وجيزة، أن يعيد للمؤسسة الرياضية السعودية هيبتها واحترامها وسلطتها، ولاتحاد الكرة شخصيته واستقلاليته، طبق مبدأ العدل والمساواة بين الجميع، غربل الأندية، وضع حداً لغرور وغطرسة وفوقية من كانت تستقوي بأسماء أعضاء شرفها وفلتان رؤسائها وصخب إعلامها، فتح ملفات الفساد والقضايا المعلقة والأخرى التي عجزت عنها أو غضت الطرف عنها الهيئة واتحاد الكرة وكذلك مركز التحكيم، أوقف العبث في اللوائح والأنظمة، أسكت الأصوات المتعصبة الغوغائية، هو باختصار شديد أعاد الأمور إلى مسارها الطبيعي الذي كنا نطالب به منذ سنوات، لكن مطالبنا للأسف كانت دائماً ما تجد من أصحاب الشأن التطنيش والتهميش، وانعدام روح المبادرة والقدرة على اتخاذ القرار..
العويس قليل من كثير!
في قضية انتقال الحارس محمد العويس، وبالقدر الذي أشاد فيه الوسط الرياضي عموماً والشبابيون على وجه الخصوص، بإنصافهم وإعادة الحقوق لهم وإثبات صحة اتهاماتهم من قبل هيئة الرقابة والتحقيق، بعد القرار الشجاع من معالي رئيس هيئة الرياضة تركي آل الشيخ بفتح ملف القضية، فإن الأمر الغائب عن المشهد والسؤال المفروض الإجابة عليه : لماذا أغلق الملف في الفترة السابقة ولم يتم التجاوب مع طلب نادي الشباب بإحالته للجهات المختصة للتحقيق في الاتهامات الخطيرة الواردة فيه؟!..
إهمال القضية بهذا الشكل وعدم حسمها والاهتمام بها سواء من اتحاد الكرة أو من هيئة الرياضية، لم يسلب ويضيع الحق الشبابي فنياً ومعنوياً ومالياً فحسب، بل تسبب في تشويه صورة وسمعة إدارته، وبالذات رئيس مجلس الإدارة الخلوق عبد الله القريني ومسؤول الاحتراف المرزوقي، كما أساء لقيمة ومكانة رجاله وأعضاء شرفه وجماهيره، وهذا بالطبع خلاف الحملات الإعلامية التي ظلت طيلة الشهور الماضية تتندر على كيان نادي الشباب، وتقلل من جدوى بياناته وتشكك باتهاماته، رغم أن الخطابات الشبابية تتضمن حقائق ومعلومات يراهن عليها ويجزم بصحتها، وهذا بالضبط ما أكدته نتائج التحقيق الأخيرة..!
وحتى نتعرف على هول الكارثة وحجم الظلم الواقع على نادي الشباب نتساءل : ماذا لو لم يكن آل الشيخ رئيساً للهيئة؟ ماذا لو ترك الملف على ما كان عليه؟ من المتورط في تعطيله أو بالأصح تحويله إلى سلة المهملات؟ ألا يُعَد شريكاً ومعيناً على الفساد في عملية الانتقال؟!
خاص بالأهلاويين
ندرك ونتفهم وقع الصدمة وتأثيرها على الأهلاويين، وفي الوقت نفسه نتمنى منهم ولمصلحة ناديهم حاضراً ومستقبلاً، أن يحكموا عقولهم لا عواطفهم وانفعالاتهم في فهم ومحاولة تقبُّل ما حدث، والاعتراف بالخطأ الشنيع الذي وقعت فيه الإدارة السابقة، وتوجيه اللوم لبعض الإعلاميين المحسوبين عليهم، ومعهم أولئك الذين يهمهم التصعيد وإثارة البلبلة وكيف تلاعبوا بمشاعرهم، وأن هؤلاء مع الأسماء المذكورة في نتائج التحقيق هم جميعهم قبل غيرهم من يتحمل أسباب وأعباء وآثار الأزمة ..
بالمناسبة وقائع ومجريات انتقال العويس وما أثير حولها من لغط إعلامي ومن ثم نتائج التحقيق في ملابساتها، هذه مجتمعة تمثل امتداداً لذات الثقافة الإعلامية والجماهيرية الأهلاوية، والتي دائماً ما تحيل الأخطاء والإخفاقات إلى نظرية المؤامرة وادعاء المظلومية، الأمر الذي كلف النادي الأهلي الشيء الكثير من سوء النتائج والغياب الطويل عن الدوري إلى ما قبل قدوم الرئيس الذهبي والواقعي مساعد الزويهري، ثم عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه بعد استقالته..
نصيحة محب للأهلاويين : تجاوزوا أزمة العويس، وابدأوا من الآن بفتح صفحة جديدة من العطاء والمثابرة لتحقيق الإنجازات اللائقة بتاريخ ورقي ومكانة وشعبية الأهلي قلعة الكؤوس، لا تستسلموا لأوهام المؤامرة، ولا تثقوا بأصوات المرجفين الذي يريدون الانتصار لأنفسهم وإحراز البطولات الشخصية على حساب مصلحة ناديكم ..