فهد بن جليد
سألتُ نائب رئيس هيئة السياحة والتراث الوطني (الدكتور علي الغبان): ألا تخشون أن يقوم بعض العاملين في الفرق العالمية المشتركة حاليًا للتنقيب عن الآثار في المملكة بإخفاء بعض القطع وتهريبها كما حدث سابقًا مع بعض عمال أرامكو، ونحن نعيش فرحة عودة عشرات القطع الأثرية من أمريكا، تعليقًا على نجاح عشرات هذه الفرق المشتركة مع العلماء السعوديين في تقديم مكتشفات أثرية جديدة ذات أهمية قصوى في التراث والحضارة في الجزيرة العربية؟
الدكتور ابتسم وقال: نحن نتعامل مع علماء لهم قيمتهم ووزنهم, وعامل الآثار أو من يهتم بالتنقيب عنها هو الشخص الوحيد في العالم الذي لا يمكن أن يسرق أبدًا؛ فهو مأمون الجانب، ولا يجب أن نخشى منه. بعض الفرق لديها استعداد أن تدفع المال مقابل إكمال البحث عن المعلومة الأثرية والإنسانية؛ لتكتمل من حضارة إلى أخرى. كما أن الاهتمام بالآثار في المملكة تغيَّر بشكل كبير؛ فما حدث سابقًا بسبب أن الحياة كانت بسيطة، ولم يكن هناك من يهتم ويرعى الآثار مثل وقتنا الحاضر، ودور الهيئة في ذلك.
المتتبع للنجاح الكبير الذي حققه سمو الأمير سلطان بن سلمان وفريقه خلال الأيام الماضية يشعر بالفخر والاعتزاز؛ فالعالم أجمع تعرَّف على جزء كبير من حضارتنا وآثارنا السعودية، كأمة لها امتداد ضارب في جذور التاريخ، بل إن الإنسانية جمعاء انطلقت من أرضنا (أرض الجزيرة العربية). المتحدثون العرب والأجانب وحضور الملتقى الأول للآثار ذهلوا من نجاح الهيئة ودورها في تحويل قضية الآثار إلى قضية مسؤولية مجتمعية عند المواطن السعودي للحفاظ عليها والإيمان بأهميتها، الذي أسفر عن إعادة عدد من المواطنين لبعض القطع الأثرية النادرة التي بحوزتهم أو حصلوا عليها، وهي خطوة متقدمة في هذا الشأن.
فبعد أن كان الحديث عن الآثار في وقت من الأوقات يعد أمرًا مخجلاً، وفيه محظور ديني بحسب الفهم القاصر عند البعض، اتضحت الصورة اليوم، وفهمنا أن الآثار هي إحدى الطرق الصحيحة والعلمية التي تشرح التاريخ، ويمكننا من خلالها سبر أغواره، بل تساهم في تفسير بعض سور القرآن لناحية المواقع الجغرافية لمن ورد ذكرهم في القصص، كما حدث مع تحديد الطريق الصحيح الذي سلكه أصحاب الفيل تبعًا لبعض الرسوم والكلمات والنقوش الحجرية التي تم اكتشافها خلال أقل من عام.
من حق الهيئة وسمو الأمير وجميع العاملين في هذا الملتقى أن نشكرهم، ونثني على دورهم الوطني الفاعل؛ فما شاهدناه وتعرفنا عليه من معلومات عن حجم الآثار المهمة في بلادنا للإنسانية جمعاء كان مذهلاً بحق.
وعلى دروب الخير نلتقي.