خالد بن حمد المالك
ينبغي أن تكون علاقتنا بالتاريخ علاقة مصاهرة مع كل جميل فيه، علاقة تتسم بالإنجازات والإصلاحات والخطوات الرائدة، بمعنى أن تكون علاقة اعتزاز واعتداد بوصفنا جزءاً من هذا التاريخ البهي، صنَّاعه والمؤثرون فيه وكتبته، وليس فقط من يحني رأسه خجلاً منه، وشعوراً بالنقص والازدراء من أحداثه ووقائعه التي سجَّلها وتتبعها وأكد بها ما يسيء إلينا.
* *
نحن جزء من هذا التاريخ، لنا فيه أدوار، ومعه لا نغيب، وبه يحاكينا الآخرون على أفعالنا، فما يحدث في المملكة الآن حراك غير مسبوق، وقد لا يتكرر لدى غيرنا، وربما صار مرجعاً لمن يريد أن يُحسن التصرف، ويتفاعل مع المميزات، ويحرص على أن يكون جزءاً من منظومة العالم المتطور.
* *
هذه البلاد شهدت إنجازات كبيرة وكثيرة ومهمة على مدى عقود مضت وانقضت، لكنها الآن في عهد سلمان تتحرَّك بسرعة، وليس هناك من وقت لمزيد من الانتظار، فالمرحلة الآن غيرها في الماضي، والثقة المصحوبة بالطموحات لدى المواطن تجعل من التاريخ في هذا الزمن الجميل معنا ولصالحنا وليس ضدنا، وشاهد على ما يترجمه محمد بن سلمان على الواقع في تنفيذه لقرارات الملك سلمان.
* *
كثير من الأشياء المبهجة التي تتم ويقابلها المواطن بانتشاء، الصور الجميلة التي لا تغيب عن العين، ولا تختفي عن السمع، إذ إننا أمام مستجدات كثيرة وكبيرة، وكلما كانت هناك خطوة في الطريق الطويل، انتظرنا الخطوة التالية، وطالبنا بالخطوات الأخرى الكثيرة، فشعب المملكة يستحق أن تستجيب القيادة لمطالبه، والتاريخ لنا فيه ومنه وبه حق التسجيل والتوثيق.
* *
ربما كان ما حدث ويحدث اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وأخرى غيرها غير متوقعة، أو أنه نظر إليه وكأنه ما كان له أن يتم، اعتماداً على رؤية مبنية على قراءات لما كان يصاحب التطورات من مجاملات وتهدئات وغض النظر، وغياب قانون المحاسبة، مما يجعل أحداث اليوم وكأنها مفاجآت لم يكن وارداً أن تتم ويعلن عنها بمثل ما نراه الآن، وفي أحسن الأحوال كانت التوقعات لا تشير إلى حدوثها في هذا التوقيت.
* *
وما أراه أننا أمام تحولات تاريخية جديدة يقودها الملك وولي العهد، التخلص من السلبيات التي أعاقت البلاد، والاتجاه نحو إصلاحات جذرية تلامس العمق، وتجذّر بإيجابية للمكان المطلوب لولادة المستقبل المنشود، دون أن نرتهن لسلبيات الماضي، أو نتعثر بما كُبلنا به على مدى عقود من الزمن من معوقات هي من صنع بعضنا، ضمن خطوات لم نُحسن إعادة النظر فيها إلا في عهد سلمان.
* *
هناك عناوين كثيرة مهمة تمت لإصلاح ما أفسدته اجتهاداتنا، أو لنقل مواقفنا في المكان والزمان الخطأين، فقد سُمح للمرأة أن تقود سياراتها دون حاجة إلى سائق إذا ما رغبت بذلك، وسيكون هناك قانون للتحرش يتزامن تفعيله مع بدء قيادة المرأة للقيادة، ولن تُمنع النساء من مشاهدة مباريات كرة القدم في الملاعب، وللمرأة حقها في العمل بالقطاعين العام والخاص إلى جانب الرجل وفق الضوابط الإسلامية، مع فتح المجال لها في عدد من التخصصات والمهن والأعمال وحرية الحركة التي لم يكن مسموحاً به لها.
* *
هذه بعض عناوين عن المرأة وللرجل مثلها وأكثر وسوف تساعده في طموحه، يُعزِّر ذلك رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 وإفرازاته للوظائف والأعمال والمهن، ما يعني أننا مقبلون على مرحلة غير عادية، خاصة مع الإعلان عن المشروعات العملاقة وآخرها (نيوم) التي سوف تتوالد معها وبها الوظائف في مختلف التخصصات، بما يمكّن المواطن من الحصول على الفرصة الوظيفة المناسبة له، ومثل ذلك السماح للترفيه بنشاطات وفعاليات كانت محظورة في بلادنا دون كل بلاد العالم.
* *
وبين أهم الخطوات، الاتجاه غير المسبوق إلى حفظ مال الدولة، والسيطرة عليه، ومنع استغلال النفوذ للاستيلاء عليه دون وجه حق، وكل هذا وغيره يصب في مصلحة الخطوات الإصلاحية التي تقود إلى بناء دولة لا تهتز بانخفاض أسعار النفط، ولا تتأثر مع الانكماش الاقتصادي، وتكون لديها القوة والمنعة أمام المتغيرات في الأسواق التجارية العالمية.
* *
يعنيني في هذه الخطوات الإصلاحية المتسارعة، التذكير بأهمية القرارات التي يأخذ بها الملك وينفذها ولي العهد من حين لآخر، ويعنيني كذلك الشفافية والصراحة والوضوح في تعامل القيادة مع المواطنين، ويعنيني أكثر أننا أمام مرحلة تاريخية معروفة مسبقاً بنتائجها السارة الحالية والمستقبلية، أي أننا أمام موعد مع التاريخ، نكتبه بعقولنا، لا بعواطفنا.