أمل بنت فهد
أسوأ ما تفعله حين تدافع عن ما تحب.. أو تتحدث عنه في حوار عقلاني.. أن تجنح لحديث منفعل تحت ضغط عاطفي.. أن تستخدم قلبك ومشاعرك في حرب الأرقام.. وبرهان الأحداث.. أن تكون فقير تاريخ عن حبيبك.. لذا سيكون حديثك إدانة وأنت الطيب الشجاع الذي قرر أن يقول كلمة حق ويحمي حبه الكبير!
لكل حرب أسلحتها.. فإذا كان للأسلحة المميتة ميدانها.. فإن للكلمة والمعلومة حربا عاتية.. في أخطر ميدان.. ميدان الإعلام المزدحم بالكذب والتلفيق والإنكار.. إنه حرب الحقيقة.. حقيقة ما حدث.. وحقيقة ما يحدث.. وحقيقة ما سوف يترتب على الحقائق التي تراكمت.. إنها مهمة صعبة جداً.. وتحتاج الكثير من الهدوء.. وأكثر منه الحاجة للبراهين.. واطلاع عميق على جذور الماضي.. وليس كلمات تُطلق كيفما اتفق.. لأن مدى الكذب قصير.. رغم نتائجه المؤلمة.. فهو المدلس الأول الذي قامت عليه انهيار أمم ودول وحضارات.
ونحن اليوم في أشد ما تكون حرب الإعلام والكذب.. وكسعوديون وسعوديات نحتاج أن نتعلم فن الحديث الأخضر.. الذي بقدر ما هو مترع بالحياة فإنه يعرف كيف يتحدث.. وكيف يغضب.. ومتى يُخرج أوراق الإدانة ويكشفها.. لأنك إن بحثت على مدى حياة الدولة السعودية بكل مراحلها.. لن تمسك رداً منفلتاً.. أو غير مسؤول.. لن تجد تسرعاً.. أو استعجال.. بل هدوء يخيف به خونة الحياة.. والحاقدين.. ومهما تعالت صيحات النصابين.. فإن الرد السعودي يكون نهائياً.. وحاسماً.. وليس بعده حديث يمكن أن يقيم نفسه ويقول: ها أنا ذا.
لذا نحن كشعب يعشق وطنه.. سنتعلم كيف ومتى نتحدث.. سنتعلم أن حديث الحكماء يأتِ بعد جعجعة الأغبياء.. وكذب الكاذبين.. سيأتي صادماً.. مدجج بالمعلومات الحقيقية.. وبمعية القرارات المصيرية.. التي نقررها نحن.. وليس غيرنا.
أن نتقن الحديث الأخضر.. يعني أن لا يستفز مشاعرنا جحود ناكري الجميل.. ولن تستعجلنا اتهامات الخونة.. ولن تجرنا لحديث الصغار.. فنحن كبارٌ.. وحديثنا مع الكبار فقط.. نعرف متى نتحدث بقلوبنا.. ونعرف متى نتحدث بالأرقام والبراهين.. وبالتاريخ الذي نسيه الناكرون.. لكننا لا ننسى.. ونعرف أننا لا نمن بما قدمناه.. لكن لا نسمح لهم بالنسيان.. لنفرض ذاكرة سعودية تتحدى الجحود.. وتتحدى الكذب.. وتتحدى البهتان.. نحتاج أن نأتِ بالبرهان.. ونطلب برهانهم.. حرب إعلامية عادلة.