سمر المقرن
سنوات طويلة ونحن نتحدث عن التغيير الاجتماعي، وضرورة فهمه ومعايشته وتفهّم إيقاعه الزمني، وكنّا للأسف نتلقى السب والشتم كلما تحدثنا عن التغيير، وكأنه محصور في خطوط معينة تمس الدين أو المجتمع.
من المهم، أن ندرك سنَّة التغيير وأنه طبيعة المجتمعات الإنسانية تبعاً للمحفزات والضرورات التي تحتاج إلى هذا التغيير، وأن يتوافق الزمن مع محددات الحراك الاجتماعي من خلال منظومة متكاملة (اقتصادية - اجتماعية - فكرية...) على أن يكون استيعاب هذه النقلات السريعة والمتكاملة داخل المجتمع، لتخرج بأطر جديدة للتغيير والتعايش معه.
المجتمع السعودي مثل غيره من المجتمعات، يعيش بشكل مستمر حالات من التغيير، لكن الاختلاف يتضح في الإيقاع الزمني، الذي صار سريعاً مؤخراً وقد أستوعب السعوديين هذا التغيير وأثبتوا أن لديهم القدرة على الاندماج فكرياً وثقافياً وكذلك اقتصادياً، لأن الإنسان الذي يتمكّن من تقبل حالة التغيير لا يُمكن أن يقبل بواحد أو اثنين منها، ما يعني لديه القدرة على أن يُطوّر نفسه مع كل مرحلة من مراحل التغيير.
وأنا أتأمل هذا المشهد، استعادت ذاكرتي بعض ما تستطيع من نظريات التغيير الاجتماعي التي درستها على مقاعد الجامعة، لعل أكثر هذه النظريات ثابت في ذاكرتنا لتكراره في الصفوف الدراسية كان عن نظرية ابن خلدون، لكن الأقرب لما أراه اليوم هي نظرية (انطونيان كوندرسه) وهي إيجابية في نظرتها للمستقبل وأن التغيير لا يكون إلا للأفضل، كما أرى أنها واقعية جداً في قياسها للتطور في خط متواز ما بين أدوات التغيير، وهو لا يرى أن وصول الإنسان إلى مرحلة قريبة من الكمال أمر مستحيل، وهذا من وجهة نظري يجعل الإنسان يثق بنفسه أكثر ويتناقض مع المقولة الدارجة: (ابن آدم ما يكمل).. مع إيماني المطلق بأن الكمال لله وحده، إلا أن هذا لا يمنع أن نحاول كبشر الوصول إلى مرحلة قريبة من الكمال، وهذه النظرة التفاؤلية هي من متطلبات التغيير الاجتماعي الذي ينظر إلى المستقبل نظرة متفائلة، وكذلك التفاؤل من المهم أن يسير في خط متواز لأن الإنسان الذي يتفاءل بالمستقبل عليه أن يتفاءل بنفسه أيضاً.
حدوث التغيير بشكل جذري في بعض الأمور ليس أمراً صعباً ولا مستحيلاً، وكذلك التعايش مع متطلبات التغيير ليس صعباً لكنه يحتاج إلى كثير من النضج الفكري والثقافي.