د. محمد عبدالله الخازم
من الوظائف المبجلة لدينا وظيفة المستشار، متفرغ أو غير متفرغ، خاص أو غير خاص، مستشار الوزارة أو مستشار الوزير. رغم ذلك التبجيل وكونه لا يخلو قطاع حكومي منها فإنها تبقى وظيفة مجهولة المعالم في كثير من القطاعات الحكومية وغير الحكومية. لا اعتراض ولا حسد، ولكنها الأسئلة التي نعيد طرحها و نسأل فيها عن مهام المستشار، المفترضة، وكيف أصبحت وظيفة المستشار، لدى البعض، وسيلة لتحقيق أغراض تتجاوز الهدف الموضوعي العملي والعلمي لإحداثه. لنبدأ ببعض وصف للأهداف المنشودة من عمل المستشار في النقاط التالية:
أولاً: تقديم المعلومة الصحيحة و الدقيقة في الوقت المناسب لصاحب الصلاحية في اتخاذ القرار.
ثانياً: طرح الخيارات المكملة والمتاحة لصانع القرار في موضوع الاستشارة، بما في ذلك شرح أبعاد كل من تلك الخيارات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية، على المدى القصير والبعيد.
ثالثاً: العمل على إيصال مشاعر وردود فعل المجتمع تجاه قراراته وعمله، حيث طبيعة المسؤولية تسبب أحياناً في حجب ردود الفعل الاجتماعية عن المسؤول، بعكس المستشار الذي يفترض أن يكون ذا حساسية تجاه ما يدور في المجتمع، كما يفترض أن يكون عدم اشتغاله في تنفيذ القرار مصدر حياد وثقة في نقل رد الفعل الصحيح للمسؤول التنفيذي.
وبما أن المستشار يتركز عمله في إبداء الرأي والمشورة فإن المشورة المطلوب تقديمها، شفوياً كانت أم كتابياً، يجب أن تتميز بمواصفات منها:
أولاً: الوضوح والشمول بمعنى أن تصاغ بشكل مفهوم للمسؤول، يأخذ في الحسبان إثارة الأسئلة والأجوبة الممكنة، وأبعاد التطبيق المختلفة، حسب الهدف الرئيسي الذي ينشده صاحب القرار في طلب المشورة..
ثانياً: الوضوح والدقة بمعنى أن تتبع التسلسل المنطقي والعملي والعلمي الذي يسهم في إثراء موضوع الاستشارة، والنقاش حوله مع صاحب القرار أو أصحاب القرار، بعيداً عن العموميات والألفاظ الرنانة التي قد لا تساعد المسؤول، بل تحرجه حين يتبناها بصيغتها التي يقدمها المستشار...
ثالثاً: الإبداع والتجديد في نوع المشورة وأسلوبها، حيث إن المسؤول الناجح دائماً ما يبحث عن التجديد والتطوير وفق المفاهيم الحديثة، في موضوع الاستشارة أو العمل، بعيداً بالتأكيد عن الخيال غير القابل للتطبيق.
رابعاً: المشورة يجب أن تكون مناسبة مع البيئة الاجتماعية أو تأخذ في الحسبان البعد الاجتماعي بكافة أبعاده المعيشية والثقافية والدينية...
خامساً: المشورة يفترض أن تأخذ في الحسبان التسلسل الزمني والخيارات البديلة في التطبيق، حتى لا تصبح مجرد تنظير يتم نقله من مراجع علمية.
سادساً: المشورة يجب أن تأخذ في الحسبان البعد الاقتصادي والموارد المتاحة أو الممكن توفيرها للحصول على نتيجة إيجابية من تطبيق النصيحة تلك.
سابعاً: يجب الالتزام بأخلاقيات الاستشارة المهنية وأهمها عدم تعارضها مع العمل الرئيس للشخص، وعدم إفشاء أسرار العمل الأساس للمستشار، والوضوح في إعلان مصادر المعلومات بحيث لا يتم الاعتداء على الحقوق الفكرية والملكية الأدبية. بعض المستشارين (يسرق) أو يستولي على أعمال مؤسسته الأم ليقدمها للجهة التي تتعاقد معه كمستشار.
ذلك البعد النظري أو المثالي في جانب الاستشارة، وعمل المستشار بصفة عامة، وهناك بعض الظواهر المتعلقة بالموضوع وتسود في أجهزتنا الحكومية، نطرحها في المقال القادم.