د.دلال بنت مخلد الحربي
أثلجت الحملة الشرسة على الفساد في المملكة صدور المواطنين، وأسعدتهم، ومن يتابع وسائل التواصل الاجتماعي، ومن داخل المجتمع نفسه أصبح الحديث هذا الاكتساح لزمر الفساد هو دون شك حدث كبير لا مثيل له على مستوى العالم.
وما ننتظره هو حملة أخرى لا تقل ضراوة وشدة على الفساد العلمي الذي يستحق المتابعة والرصد على نفس مستوى المخالفات المالية، فإذا كانت القضايا المالية مؤثرة على المال العام، فإن الفساد العلمي هو فساد أخلاقي مضر تضررت منه شريحة كبيرة من منسوبي الهيئات العلمية، وصور هذا الفساد كثيرة منها:
المجاملات في التعيين في المناصب الأكاديمية التي حتى الآن لا تتم وفق المعايير العلمية الصارمة، وعدم التدقيق في السير الذاتية ومناسبة الشخص من عدمه، وهناك قضايا الترقيات العلمية التي هي ليست دقيقة مما أدى إلى وصول أشخاص لا يستحقون الدرجات العلمية إلى مناصب متقدمة في المجال الأكاديمي.
هناك علامات استفهام كثيرة، وهناك علامات استفهام عن مدى قدرة بعض الشخصيات العلمية على أداء مهامها العلمية وفق المنهج الأكاديمي المعروف.
لا استطيع أن أضع معايير ضوابط لأن من المفترض أن يكون من قبل الجهات التي تشرف على الهيئات العلمية مستفيدة مما يجري في دول العالم المتقدم فيما يخص منح الدرجات العلمية والترقيات والسماح بالتدريس، بدلاً من الاعتماد على أنظمة قديمة وتجارب فاشلة مأخوذة من دول لا يعتد بها علميًا.
لا أوجه هنا نقدًا لجهة معينة بقدر ما أتحدث عن وضع يعرفه كل أكاديمي تحصل وفق المسار الطبيعي لأمثاله في العالم، وعندما ننظر حولنا سنجد هذه النماذج الكثيرة فهناك من يصل إلى أعلى درجات السلم العلمي اعتمادًا على دراسات وأبحاث وضعت خصيصًا للوصول إلى هذه المرتبة، ولكن لا أثر له أصلاً ولَم يستفد منه في مجالات البحث العلمي، وما نعرفه أن الأكاديمي يفترض أن يكون باحثًا متميزًا يسهم في تقديم معرفة معينة في مجال تخصصه إسهامات في خدمة وطنه وخدمة العلم بشكل عام.
لا يتوقف الفساد العلمي عند هذه النقطة فهناك نماذج كثيرة منها الحصول على درجة علمية دون وجه حق اعتمادًا على الوجاهة أو المعرفة خاصة من جهات علمية خارج المملكة.
ينتظر كل المشتغلون في العلم أن يصل هذا (التطهير) إلى الجانب العلمي لأنه مهم ومؤثر في أجيال، وهو إن استمر ففيه خسارة مادية إلى جانب الخسارة العلمية والأدبية لأن ما ينتجه أمثال هؤلاء سيكونون عالة على المجتمع.