د. جاسر الحربش
وسائل الإعلام الإيراني الواسعة الانتشار وتصريحات وزارة الخارجية الإيرانية بدأت تحذر بنفس طريقتها قبل ذلك في البحرين واليمن، من حرب تشنها دول خليجية على لبنان. هل هذا هو ما تتمناه الحكومة الإيرانية؟، أن يطفح الكيل السياسي الخليجي من إيذاءات وبذاءات عملاء إيران العرب فيبدؤون حرباً جديدة، في بلد عربي آخر؟
إيران نصبت الكثير من الفخاخ للعرب ولغيرهم، ولكن أكثرها وأشدها إيذاء كانت فخاخ إيران ليسقط فيها العرب وينتشر الدمار المتبادل ولا يصيب إيران منه رصاصة واحدة.
نصبت إيران للأمريكيين بهيبتهم وهيلمانهم العسكري فخين مدمرين، أحدهما في أفغانستان والآخر في العراق. لم يدرك الأمريكان أن إيران تتعاون ضدهم مع طالبان إلا قبل سنة تقريباً عندما رصدوا زعيم الحركة الجديد بعد مقتل الملا عمر يغادر إيران بالطريق البري فقتلوه في الطريق، لكن الفخ الإيراني للأمريكيين في أفغانستان ما زال يعمل بفعالية.
إيران عرضت على الأمريكيين التعامل معهم ضد العراق عام 2003م، الإنجليز نصحوهم ألا يفعلوا ولكنهم فعلوا، لاعتقادهم بحاجة إيران إليهم ولسهولة ترويضها، فتورطوا والفخ ما زال يعمل.
إيران نصبت فخاً لمسعود بارازاني وحزبه الكردي وكانت زيارات الساسة الإيرانيين لمدينة أربيل قبل إعلان الانتخاب والانفصال من الأخبار المتكررة. الفخ الإيراني كان مزدوجاً يهدف لإدخال الكرد والعرب العراقيين الشيعة في حرب مهلكة جديدة بعد اقتراب نهاية داعش والقاعدة.
إيران اختطفت الثورة اليمنية ضد الرئيس الفاسد علي عبد الله صالح باستغلال طموح العميل الحوثي، فانهار الجيش اليمني ووصل الحوثيون إلى صنعاء وعدن وبدأ التحشيد المقلق والمناوشات على الحدود السعودية. قيادات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أدركت حجم الخطر القادم من الجنوب والغرب على السيادة الوطنية، فجاء الرد بحرب وقائية لحماية الحدود وإعادة الشرعية العربية إلى اليمن وتأمين الملاحة البحرية الحيوية. ما زالت الحرب في اليمن مشتعلة وهذا ما تريده إيران، لكنها الآن بدأت تقلق من بوادر انهيار التحالف بين الحوثي وصالح فبدأت تفكر بنصب فخ جديد.
الفخ هذه المرة من المرجح أن يكون في لبنان، بطوائفه وعملائه ومرتزقته الذين لا يعنون لإيران أكثر مما تعنيه البحرين أو اليمن أو العراق أو سوريا، مجرد عرب يقاتلون عرباً آخرين.
أقول بكل تواضع، إيران تريد حرباً جديدة بين عرب الخليج وطوائف لبنان، وعلينا هنا في الخليج عدم الانجرار إلى الفخ ولكن العمل على عكس الاتجاه، لنجعلها حرب اللبنانيين ضد الإيرانيين وعملائهم. كيف؟، بأن نتبنى بالضبط التقليد الإيراني العتيد، فنضخ الأموال والسلاح لأصدقائنا في لبنان لنمكنهم من تنظيف وطنهم بمجهوداتهم وتضحياتهم، وبدون أن نعلنها حرباً ولا بتدخل عسكري ولو بطلقة واحدة. لنتذكر أيضاً أن مصالح إيران وإسرائيل من إشعال حرب في لبنان تتطابق لدرجة التخطيط والاندماج.
الحل الأمثل هو نقل الحرب إلى إيران نفسها، لكن ذلك يعني حرباً إقليمية واسعة قد تتحول إلى حرب عالمية.