محمد المهنا أبا الخيل
في يوم الثلاثاء (31) من شهر أكتوبر وبعد افتتاح (منتدى استثمر في البحرين 2017)، دعيت ومجموعة مختارة من الضيوف لوليمة غداء بضيافة سمو الشيخ سلمان بن خليفة بن سلمان، وبعد الغداء دار مع سمو الشيخ سلمان حديث طويل عن جاذبية دولة البحرين كوجهة سياحية واستثمارية لمواطني المملكة العربية السعودية خصوصًا، التي أبدي خلالها سمو الشيخ الشعور بالحاجة لتنمية ذلك بصور أكبر بكثير مما هو حاصل الآن، وبين سموه أن البحرين أقرب وأيسر وأكثر تجانسًا مع الطبيعة السعودية من أي بلد آخر حيث يمثل وجهة سياحية واستثمارية منافسة.
الحديث مع سمو الشيخ سلمان كان شيقًا ومثيرًا لكثير من الأفكار حول جاذبية البحرين ومدى قدرتها على منافسة وجهات أخرى مثل دبي على سبيل المثال، وبدأ لي خلال الحديث مع سمو الشيخ وبعده، أنه ربما هناك عوائق تحول دون تحقيق البحرين الجاذبية اللازمة لاستمالة عدد أكبر من المستثمرين والسياح والزوار السعوديين، وأن هذه العوائق قد تتعلق بجاهزية البحرين من حيث المرافق والخدمات والإمكانات على استيعاب قدر أكبر من المستثمرين والسياح أو تتعلق برغبة وقدرة المستثمرين والسياح التي تؤثر في مدى انجذابهم للبحرين كوجهة استثمارية وسياحية.
لا شك أن هناك عوائق هيكلية في قدرة البحرين على استيعاب قدر أكبر من السياحة السعودية وخصوصًا في المناسبات مثل الأعياد والعطل المدرسية وحتى العطل الأسبوعية، فأول تلك العوائق هي ما يتعلق بلوجستية الوصول للبحرين من مختلف مناطق المملكة، فجسر الملك فهد الذي يمثل الخيار الأول لمن يريد الذهاب للبحرين من سكان المنطقة الشرقية أو العوائل من سكان مدينة الرياض يزدحم بالسيارات العابرة بصورة معيقة للحركة ولساعات طويلة تجعل مجرد التفكير بذلك محبط لكل الرغبات، وقد تكون الإعاقة الأكبر في ذلك الجسر تتمثل في إجراءات السفر والفحص الجمركي، من الطرفين السعودي والبحريني، ومع النية لتوحيد عملية الدخول والخروج بنقطة واحدة فما زالت قدرة المنفذ من الجهتين على استيعاب الحركة المرورية الحالية غير كافية، والخيار الآخر يتمثل في السفر عن طريق الجو وهذا الخيار أيضًا له عوائق تحد من جعله فاعلاً في زيادة حركة السفر بين البحرين وباقي مناطق المملكة، فرحلات الطيران للبحرين ما زالت محصورة في عدد من المطارات السعودية وعدد الرحلات أقل مما يجب، هذا إلى جانب محدودية سعة مطار البحرين في استقبال أعداد متزايدة من الزائرين، والمعيق الثالث وربما الأهم في زيارة البحرين عن طريق الجو هو ارتفاع تكلفة تذاكر السفر مقارنة بمثلها لوجهات مثل دبي وأبوظبي والشارقة وربما شرم الشيخ.
السعة الفندقية في البحرين نسبيًا جيدة في الوقت الحاضر ولكن مع زيادة نسبية في عدد الزائرين السعوديين في حدود (20 في المائة) ستصبح تلك السعة ضيقة نسبيًا وستقود لارتفاع تكلفة السكن للزائرين مما سيقود لخلق إعاقة جديدة لجاذبية البحرين السياحية، وكذلك السعة الترفيهية في البحرين ما زالت محدودة وبحاجة لتوسع في الإمكانات والخيارات، وهنا أقصد المرافق الترفيهية للأسرة والرياضات الترفيهية سواء كانت البرية أو البحرية أو الجوية، والحفلات الفنية والمعارض ومراكز الجذب السياحي كالأسواق والمطاعم والمقاهي.
أما فيما يخص الجاذبية الاستثمارية للبحرين فكل العوائق التي تحد من استيعاب البحرين لعدد متزايد من السياح والزوار هي فرص استثمارية، فالبحرين بحاجة لاستثمارات أكبر في قطاع الضيافة بصورة عامة كالفنادق والشقق المفروشة والمطاعم والمقاهي، وبحاجة كبيرة للاستثمار في قطاع الترفيه والمتمثل في مئات الفرص في الرياضات الفردية والهوايات والرياضات البحرية ورياضات الطيران المنخفض. وربما في الاستثمارات العقارية السكنية المتميزة.
ختامًا: البحرين تستحق أكثر، وتستحق أن تصبح وجهة سياحية واستثمارية متميزة، ولكن كما قلت لصاحب السمو الشيخ سلمان بن خليفة، جعل البحرين وجهة سياحية هو قرار إستراتيجي يستلزم الكثير من التغيير في البنية الهيكلية للقدرات والإمكانات، ويستلزم قرارات جريئة وحاسمة تضع مستقبل البحرين الاقتصادي فوق اعتبارات المجاملة والتوازنات الاجتماعية.