لقد أضحى استخدام الهاتف الذكي جزءًا أساسياً من حياتنا اليومية وتطبيقاتنا المختلفة، لدرجة أنه بات رفيقاً لنا في أوقات العمل المزدحمة، ولحظات الراحة الشخصية وأوقاع الفراغ، وقت الفراغ الذي قال عنه الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله عليه - (إنه رأس المال الحقيقي، وأننا بتنا أعداءً لأنفسانا إذا لا نطيق نختلي بها ولو للحظة).
فكلما توفر لدينا وقت بسيط للسكينة، تجد الفرد منا يهرع لتفقد هاتفه الذكي ومراجعة كافة تطبيقاته، واحداً تلو الآخر، وكأنه عبء قد أوكل له، وتحمل لوحده مسؤولية القيام به، ويأتي هذا في وقت باتت بعض التطبيقات مثل (الواتساب) تتقاطع مع وظائف العمل اليومي للتواصل المهني وإتمام العمل، بجانب التسلية والتواصل الاجتماعي، فأصبح جهاز الهاتف لا يكاد يغادر أفئدتنا طوال ساعات اليوم.
إذا حسبتم أن ما ذكر تسللت له بعض المبالغة من بين لوحة المفاتيح أثناء الكتابة، فلعلكم تختبرون ذلك بأنفسكم كما فعلت أنا شخصياً، فهنالك تطبيقات للهواتف الذكية تختص بقياس ساعات الاستخدام، فإذا علمتم أن متوسط استخدام الهاتف ساعتان ونصف يومياً موزعة على معدل 44 التقاط، فقد تكتشفون أنكم قد تخطيتم ذلك الحد بمراحل.
لعل البعض يتساءل ما البأس في استخدام الجوال، وحتى بشكل مفرط يومياً؟ والإجابة على ذلك سهلة، فإن جو التوتر المرتبط بتفقد الرسائل بشكل دوري يحفز من إفراز هرمون الكورتزول طوال اليوم، والذي من شأنه تقليل إفراز هرمون الميلاتونين المساعد على الاسترخاء، كما أن التسمر حول شاشة الجوال يقلل من إنتاجية الفرد المحتملة فيما لو استخدم ذات الوقت في التأمل أو إنجاز أعمال أخرى ناهيك عن الأعراض المصاحبة لاستخدام الهاتف المفرط من عدم التركيز والصداع وإجهاد الرقبة، ولقد أظهرت دراسة بجامعة قوثنبيرج في السويد على أكثر من أربعة آلاف شاب، أن الاستخدام المفرط للهاتف المحمول ذو صلة بأعراض التوتر واضطرابات النوم، والاكتئاب.
فما هو الحل إذن؟ أقترح تجربة عمل ما يلي وقد تلاحظ شيئاً من التحسن في عادات النوم وزيادة الإنجاز وصفاء الذهن، بحسب طول فترة استخدامك للهاتف في السابق.
- إبدأ بوضع سقف محدد ومعقول لساعات الاستخدام بمساعدة التطبيقات الموضحة أعلاه مما يمكنك من إحراز تقدم ملموس.
- ضع منبه ورود الرسائل في تطبيق (الواتساب) على نمط الصامت، وقم بمراجعة الرسائل بشكل جماعي بكل فترة زمنية.
- حدد مرة واحدة بالنهار، وأخرى بالليل (أو مرتان) لتفقد تطبيقات التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، بدلاً من عمل ذلك بشكل مستمر ودوري، صدقني، لن يفوتك شيء، وإضافة على ذلك ستجد نفسك تعودت فتح مواضيع جميلة للنقاش مع والديك وأفراد عائلتك، والاستمتاع برفقتهم.
- حاول عدم استخدام الهاتف لأغراض البحث الغير ضروري وحوّل ذلك لجهاز الحاسوب الشخصي، إذ إن البحث عادة ما يقود إلى عدد غير محدود من المشاهدات الإضافية.
- عند التوجه للنوم، ضع الهاتف للشحن على طاولة بعيدة عن السرير وليس في متناول يدك. إن ذلك بحد ذاته كفيل بتركيزك على النوم، بدلاً من التقاط الهاتف مجدداً كلما أحسست بعدم سكينتك، مما يعيدنا إلى بداية هذا المقال.
@DrBindayel