د.علي القرني
كأس العالم في روسيا... هذه الدورة ستشهد حضورا عربيا مميزا حيث أربعة منتخبات عربية ستشارك -بإذن الله- في تاج المناسبات الرياضية في العالم، وكان المنتخب السعودي هو أول المنتخبات العربية المتأهلة لنهائيات كأس العالم، كما أنه المنتخب العربي الوحيد من آسيا الذي كسب التأهل، كما أن ثلاثة منتخبات إفريقية عربية تأهلت هي منتخبات مصر وتونس والمغرب، وبهذا يكتمل عقد المشاركات العربية. وتتبقى حوالي سبعة أشهر تتم فيها التحضيرات للمنتخبات المشاركة في روسيا، تتخللها عودة اللاعبين لأنديتهم ثم أيام فيفا تحضيرية للمنتخبات حتى يقترب كأس العالم في منتصف يونيو المقبل -بإذن الله-.
وقد تابعنا سلسلة مباريات المنتخب السعودي حتى صعوده إلى التأهيل، وكان ذلك تحت قيادة المدرب الهولندي بيرت مارفيك الذي استطاع بجدارة واقتدار أن يحقق الحلم في التأهل، وقد أكسب المنتخب السعودي تجانسا بين اللاعبين، ونجح في الشحن النفسي لهم، وأصبحوا تدريجيا يتحملون مسئولية العمل فيما بينهم ضمن منظومة جميلة أكسبتهم النجاح والتميز في معظم مبارياتهم السابقة. ومارفيك هو قامة تدريبية كبيرة جدا في عالم كرة القدم، فيكفيه أنه وصل بمنتخب بلاده (هولندا) إلى نهائي كأس العالم عام 2010 وخرج في المباراة النهائية من إسبانيا. وكنت أحد أشد المستغربين من رحيل المدرب مارفيك عن المنتخب السعودي، وربما قرأت له تصريحا في حينه أن اتحاد كرة القدم السعودي لم يتوافق معه على بعض طلباته، حيث رأى الاتحاد تغييرا في طاقمه الفني التدريبي، وربما هناك أمور أخرى لم يتم الكشف عنها. وهي ذات علاقة بإقامته الدائمة في المملكة.
ثم جاءنا مدرب جديد هو الأرجنتيني ادغاردو باوزا بعد أن كان يدرب المنتخب الإماراتي، وقبله أقيل من تدريب منتخب بلاده الأرجنتين، ولديه خبرة في الدوريات وليس المنتخبات كما تشير سيرته وإنجازاته. وربما لا أريد أن أستبق الأحداث، ولكن المؤشرات التي استقيتها من معسكر البرتغال الذي حل به المنتخب السعودي وأجرى مباريات ودية لا تبشر بالخير، فالمنتخب مفكك ولا يمتلك السيطرة على مجريات المباريات، والمهارات الفردية تردت في تلك المباريات، وكأننا بصراحة نشاهد مباريات دوري الدرجة الأولى في الدوري السعودي، ولم نرَ ما يسر النفس أو يعطي الطمأنينة أبدا من ذلك المعسكر الذي انتهى هذا الأسبوع بهزائم وتعادل واحد، مما يجعلنا نستشعر الخطر من الآن لفرص المنتخب السعودي في نهائيات كأس العالم.
ونحن متأكدون أن القائمين على الرياضة السعودية حريصون أشد الحرص على الارتقاء بمستوى المنتخب السعودي ويذللون كل الصعاب التي تواجهه، ويعملون بجد واجتهاد على أن يتبوأ المنتخب السعودي مكانة مرموقة في نهائيات كأس العالم في روسيا وما يتلوها من استحقاقات عربية وقارية ودولية، ولكن العبرة بالمؤشرات التي نلاحظها في مسيرة المدرب الحالي والنتائج التي لم تلبِّ احتياجاتنا في ظهور متميز وباهر ومتطور مع مرور الوقت. وهذا عكس ما كنا نتوقع تماما. وقد يقول قائل إننا ما زلنا في البدايات، ويجب إعطاء المدرب الأرجنتيني الوقت الكافي ليكتشف المواهب ويبني النظام الفني للمنتخب، ولكن أرى أنه من المفروض ألا نبدأ من الصفر ونبدأ من جديد، لأن هناك مكتسبات قوية حققها المنتخب السعودي حتى وصول المدرب الجديد، وهذه المكتسبات هي حق شرعي للمدرب السابق مارفيك.. وتغيير المدربين هي سياسة لا تضيف لأي منتخب، بل هي تحذف منه، وأخشى أن هذا هو الذي سيحدث في نهاية المطاف، ولا أتمناه طبعا.