رقية سليمان الهويريني
أثناء زيارة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب للمملكة في أبريل 2017 دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بحضور عددٍ من زعماء الدول العربية والإسلامية المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» وسط أحداث سياسية ساخنة! ومن أهداف المركز المساهمة بدحض خطاب التطرف في أي مكان، وفتح المجال واسعاً أمام حوار الأديان الذي بدأه المرحوم الملك عبدالله بن عبدالعزيز لترسيخ مفاهيم الاعتدال الفكري عبر مواجهة الفكر بالفكر، والتصدي للفكر المنحرف.
ولعل زيارة البطريرك بشارة الراعي التاريخية للمملكة -هذا الأسبوع- وما سبقها من زيارة أمين رابطة العالم الإسلامي للفاتيكان ومقابلة البابا فرانسيس، يؤكد نهج المملكة المعتدل الداعي للتقارب والتعايش السلمي والانفتاح على جميع الديانات، ولكي تؤتي الزيارة ثمارها المرجوة والمأمولة؛ فإنه يحسن مراجعة الخطاب الديني لكلا الديانتين الإسلامية والمسيحية.
وفيما يخص بلادنا فإنه ينبغي تنشيط الآليات المتعددة سواء بالمناهج الدراسية التي يتعلمها الطالب أو خطب الجمعة والمحاضرات والدروس في المساجد والتي تحتاج مراجعة دائمة؛ وخاصة ما يتعلق بمصطلح الكافر وكيفية التعامل مع غير المسلم، فضلاً عن حالة التشدد التي تتفشى في أوساط المعلمين والمعلمات والوعاظ وشيوع التطرف ببعضهم والمتمثل بعدم الرضا عن بعض الإجراءات الحكومية التي تدعو للتسامح ونبذ الكراهية لمن يخالفنا في المذهب أو الديانة.
وكي يكون الاعتدال واقعاً مُعاشاً ينعم به كافة المواطنين والوافدين؛ فإن الأمر يتطلب إشراك مختصين مهرة في الشأن الديني والاجتماعي والنفسي والسياسي، والسعي لمعالجة القضايا الاجتماعية العالقة؛ لأن بعض التطرف يأتي كردود فعل ذاتية أو مجتمعية مما يستوجب الحكمة والتروي في معالجتها.
ولن تحقق المبادرات الخيرة هدفها ما لم يُستخدَم أسلوبٌ متطور في حوار ذوي الأفكار الضالة ممن يشتمل خطابهم على التطرف والتحريض، أو مواجهتهم بطرق حديثة، وتوسيع دائرة الحوار بحيث لا يستهدف الشخص المنحرف فكرياً فقط وتجاهل البيئة التي نشأ بها كالمنزل والحي أو المدرسة أو الثقافة السائدة في المجتمع.
كل شعوب الأرض تتطلع للسلام، وحري ببلادنا تحقيق هذه التطلعات العالمية!