د. عبدالرحمن الشلاش
هناك سر غامض في موضوع الفساد. ربما طرأ سؤال مهم بعد قيام الدولة بحملة قوية لمحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين لمواجهة ملفات فساد متراكم من سنين في أكثر من جهاز حكومي وخاصة في قضايا مالية وقضايا أخرى إدارية. القضايا المالية أكثرها اختلاسات وهدر للأموال وترسية مشاريع بمبالغ خيالية، والحصول على مبالغ عن طريق هبات غير مشروعة ورشاوى واتفاقات من الباطن. قضايا الفساد الإداري يدخل فيه ما يسمى بتوظيف الأقارب، وظهور فضائح عن وظائف مسجلة بأسماء أشخاص لا يعلمون عنها شيئا، وتقبض الرواتب عن طريق أشخاص آخرين. يستفيد المفسدون من كثير من البنود التي يرونها غير هامة بصرفها في غير مجالاتها الصحيحة.
السر الغامض في الموضوع كيف مرت هذه التجاوزات وفيها ما هو واضح وضوح الشمس على الأجهزة الرقابية الكثيرة؟ هل هذه الأجهزة كانت تعلم فغضت الطرف وسكتت عن الكلام المباح وهنا تكون مشاركة بصورة مباشرة في عمليات الفساد ولا بد من محاسبتها، أم أنها كانت تقوم بجولات ومهام روتينية لمجرد إثبات الوجود وهنا تكون قد أخلت بالعمل وقصرت مما يجعلها تحت طائلة المسآلة والعقوبات، أم أن تلك الأجهزة سواء من داخل المؤسسات الحكومية أو من خارجها عانت في السابق من وجود عقبات تحول بينها وبين الوصول لتلك الأخطاء والتجاوزات مثل التعتيم، أو عدم مطابقة ما هو مكتوب في الورق على الواقع حيث يلجأ بعض الفاسدين وبحيل وأساليب شيطانية لتقديم الأوراق بصورة نظامية جدا بينما العبث فيما ينفذ من عمليات، أم أن هناك أشياء أخرى متفق عليها بين تلك الأطراف؟.
الأجهزة الرقابية مثل ديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق وغيرها أين جهودها في كشف الفساد وفضح المفسدين؟. هذا هو السر الغامض الذي لا بد من كشفه من أجل المصلحة العامة خاصة وقد أثيرت قضايا فساد في التعليم والصحة والنقل والرياضة وغيرها، ولا بد أن أطرافا كثيرة تشترك فيما حدث وكشفها سيؤدي إلى كشف خبايا كثيرة قد تساعد في وضع حلول عاجلة للمستقبل، وآليات عمل تلك الأجهزة، وتفعيل عمل أقسام ووحدات المراقبة الداخلية والتفتيش الإداري في كل جهاز.
كشف تلك الأسرار سيسهل عملية محاربة الفساد وفتح صفحات جديدة أكثر نقاء ونزاهة.