د. سليمان بن محمد العيدي
يصعب على مخضرم عاش فترة جيلَيْن من المذيعين أن ينتصر لجيل، ويميل للآخر، ولكن الإنصاف يأبى إلا أن تذكر الحقيقة لدى جيل احترف المهنية عشقاً وهواية وطريق عمل جاد.. ومن هؤلاء الأفذاذ من مذيعي الجيل الأول شخصية الأستاذ غالب كامل الذي جمعتني به صداقة المهنة ومشوار التعليم أخاً ومحباً للجميع، يتميز بصفاء المعدن ونقاء العلاقة. وقد التقيت خلال رحلة عملي مدة 38 عاماً، جُلّها كانت قريبة من أستاذية غالب كامل في الإذاعة والتلفزيون، ولكل منهما موقف يختلف عن الآخر، لكن يتفقان في الرؤية والأصالة التي أنبأتْ عن حب يكنه غالب لرفقاء الدرب في مهنة المتاعب الإعلامية، أعني المجال الإعلامي والإذاعي أولاً، ثم التلفزيون، وهي مهنة يَفوقُ تعبُها
مهنة الصحافة من وجهة نظري. ولقد كنت من رفقاء الدرب الذين حظيت حياتهم باهتمام أستاذ الجيل غالب كامل على كلتا الهوايتين (الإذاعة والتلفزيون)؛ فكان صاحب قرار عندما تقدمت مذيعًا للتلفزيون، فقد رحب بي شخصيًّا، وتولى إجراء التجربة المرئية وإبداء ملاحظاته، والرفع بها إلى وكيل الوزارة آنذاك د. صالح بن ناصر الذي أجازها من معالي وزير الإعلام د. محمد عبده يماني، ثم عادت النتيجة عام 1399هـ؛ ليبدأ مشواري التلفزيوني تحت إشراف الأستاذ غالب مدير التنفيذ بالنيابة حينها. والموقف الثاني هو اختياري نائبًا له عندما كان كبيرًا للمذيعين بإذاعة الرياض ورئيسًا لقسم المذيعين، ولكن هذه الفترة لم تدم طويلا لاختياري مديرًا لإذاعة القرآن. ويعد غالب كامل أحد الذين رافقوا بث الإذاعة السعودية لفترة طويلة، وأحد قراء التلفزيون القلائل الذين يكنون لهذه المهنة الاحترام؛ كونه يطل على المشاهدين، وحكم المشاهد على المذيع من خلال ثقافته وعطائه وإبداعه.. وكل هذه الثلاثية تمركزت في شخصية الأستاذ غالب كامل الذي نقلها إلى جيل يقدر هذه المهنة. وقد زاملته من خلال نشرات الأخبار والنقل الخارجي المباشر والاحتفالات الرسمية؛ ما جعل إدارة التلفزيون وقبلها الإذاعة تطلق عليه المذيع الشامل.. وهم بالتأكيد قلة؛ لأن هذه الصفة لا تتحقق إلا لمذيع احترف الأشكال الإذاعية والتلفزيونية كتابة وتحدثًا ونقلاً مباشرًا على الهواء، وقراءة متميزة، يصحبها قرار في الصوت. غالب كامل حظي باهتمام كبير من أطياف المجتمع في المجالس وديوانيات الناس وقصورهم حتى لا يكاد تذكره في أي مجلس إلا ولسان الثناء والإعجاب يقدم شهادة صريحة بحق هذا الإعلامي اللامع. ولقد أثبت في مشواره الإعلامي الطويل أن هذه المهنة إن لم تحترمها فإنك ستُنسى في فترة قصيرة. وهذا شاهد وملموس في حياتنا الإعلامية. وفق الله جهود هؤلاء العمالقة. وبطاقة شكر للأستاذ الكبير غالب كامل.. ولصحيفتكم أزجى التحايا.
أستاذ الإعلام بكلية الإعلام والاتصال بالرياض