د. أحمد الفراج
في العلاقات الدولية، يثبت يوماً بعد آخر، أنّ القوة والحزم هما السلاح الأنجع، فالمهادنة والمجاملات تفهم دوماً على أنها ضعف، ومن ثم تبدأ سلسلة الابتزاز، ولنا في تعامل رئيس أمريكا السابق، باراك أوباما، مع إيران خير مثال، حيث تدنّست هيبة أمريكا في الوحل، أمام نظام إيران، الذي كان يرتعد من رؤساء أمريكا السابقين، فالنظام الإيراني، ومنذ تسلمه السلطة قبل حوالي أربعة عقود، يصعِّد، ثم ما إن يواجَه بحزم، حتى يبدأ بالتهدئة، والمهادنة، ولكن يبدو أنّ المجتمع الدولي فهم هذه اللعبة مؤخراَ، وتوصل إلى قناعة بخطورة هذا النظام على الأمن العالمي، خصوصاَ بعد الكشف عن وثائق ابن لادن، وما تمخضت عنه من تأكيد للصلة، بين إيران ونظام الحمدين في قطر وتنظيم الإخوان.
كان تنظيم الإخوان من أوائل من بارك ثورة الخميني، وذلك عندما زار وفد التنظيم طهران، كما أنّ المرشد الحالي، علي خاميني، هو من ترجم كتاب معالم في الطريق لسيد قطب!، وهو الكتاب الذي يعتبر دستوراً لكل تنظيمات الإرهاب، وبالتالي لا يستغرب دعم إيران لتنظيم القاعدة، الذي وُلد من رحم تنظيم الإخوان، وغني عن القول إنّ مؤسس تنظيم القاعدة، ابن لادن، يعترف بأنه من كوادر الإخوان!، فإيران تعتبر تنظيم الإخوان، وما تفرّع عنه، مثل القاعدة وداعش، جزءاً من أذرعتها، التي تخدم أجنداتها التوسعية، بل وتحارب نيابة عنها، تماماً مثل حزب الله الشيعي، كما أنّ احتواء قطر لتنظيم الإخوان، ودعمه سياسياً ومالياً ولوجستياً، يؤكد ما تم الكشف عنه في وثائق ابن لادن، فيما يتعلق بإشارته لتنظيم الإخوان وقطر، وتأسيس الهيئة العالمية لعلماء المسلمين، لتكون الهيئة الشرعية للدولة الإسلامية (داعش)!.
ما أريد أن أصل إليه هو أنّ ملالي طهران استخدموا لبنان، الحاضن لحزب الله، واستخدموا قطر، الحاضن لتنظيم الإخوان، كأذرعة لأجنداتها التوسعية، ما يعني أنّ علاقة قطر بإيران أعمق مما يتصور الجميع، بل هي شبيهة بعلاقتها بلبنان، أي أنّ قطر كانت، ولسنوات طويلة، تمارس ازدواجية خطرة، تتحالف من خلالها مع دول الخليج ودول الاعتدال العربي نهاراً، ومع ملالي طهران ليلاً، وهذا يعني أنّ قرار دول الرباعية بمقاطعة قطر كان كاشفاً، وضرورياً، ليتسنى كشف نظام الحمدين على الملأ، فقطر لم تتحالف مع إيران بسبب المقاطعة، كما تروج خلاياها الإعلامية، بل إنّ الواقع هو أنها اضطرت لكشف علاقتها بطهران بعد المقاطعة، وهذا من أهم إيجابيات المقاطعة، لأنّ قطر كانت تمارس الجاسوسية، في جامعة الدول العربية، وفي مجلس التعاون الخليجي، لصالح نظام طهران الفاشي، وإذا كان نظام الحمدين قد ظهر على حقيقته المخزية مؤخراً، كذراع لأجندات طهران، فإنّ لبنان، الذي يحكمه حزب الله فعلياً، كان يمارس ذات الدور القطري لخدمة ملالي طهران منذ زمن طويل، وهذا يستلزم مقالاً مستقلاً!.