فهد بن جليد
شخصياً بدأت مُنذ سبتمبر الماضي في مراجعة قراراتي لناحية ركوب الطائرات في منطقة الخليج العربي، بعد أن نشر فريق طبي مختص بأبحاث النوم في جامعة الملك سعود دراسة تؤكد أن 34% من الطيارين يعانون من الاكتئاب بحسب تقييم ثلاث شركات عاملة في منطقتنا على الأقل، إضافة لمشاكل أخرى بنسب متفاوتة وعالية تتعلق بتوقف التنفس أثناء النوم، وزيادة نعاس الطيارين، والإرهاق الشديد، والإجهاد، ما يؤثر على قراراتهم في قمرة القيادة، وياروح ما بعدك روح.
الدراسة نشرتها مجلة Sleep Bredthing، وعلق عليها الباحثون بضرورة تعديل نظام العمل بالنسبة للطيارين، موصين بضرورة تضمين توقف التنفس أثناء النوم والاكتئاب ضمن عناصر الفحص الطبي الدوري الذي يخضع له الطيارون، مثل هذه المعلومات أضفتها مؤخراً إلى حزمة من الأسرار التي يخفيها الكابتن عن الركاب وتقلقني عند السفر، فمثلاً في كل مرة تضاء إشارة ربط الأحزمة لا يعني مرور الطائرة بمطبات صناعية كما نعتقد، فلربما أن الكابتن قرر فجأة ترك غرفة القيادة والتوجه نحو دورة المياه التي يستخدمها الركاب - أكرمكم الله - وهنا يقوم كبير المضيفين بحراسة الباب، كما أنَّ معظم الطيارين يفضلون أخذ غفوة تقدر بـ عشر دقائق في كل رحلة والحوادث في ذلك عديدة فقد نسي كابتن خطوط نورث ويست الأمريكية عام 2011 الهبوط بها في مطار (مينابوليس) وتجاوزه بنحو 250كلم لأنه كان نائماً - والله الحافظ - صحيفة الديلي ميل البريطانية تقول إن معظم الطيارين قد يدخلون في حوارات ونقاشات ودردشات جانبية مع قائدي الطائرات القريبة منهم في الجو، وهو أمر قد يشغلهم عن مراقبة الطائرة ومسارها.
كل مرة أحاول التركيز بصعوبة في كلام قائد الطائرة وهو يتحدث للركاب أثناء التحليق، معظمهم صوته غير واضح، وكأنّهم يتعمدون الحديث بدرجة منخفضة وكلمات مُتداخلة، وعليك كراكب فك تلك الطلاسم لتعرف ماذا يريد بالضبط, في آخر سفرة لي لم أسمع صوت الكابتن إلا قبل الإقلاع والهبوط، رغم أنَّ مدة الرحلة 10 ساعات متواصلة،وهذا لا يقلل إطلاقاً من كفاءة رائعة لطيارين سجلوا مواقف بطولية وإنسانية عديدة.
المُخيف أن بعض قائدي الطائرات لا يعلمون أصلاً ماذا يجري داخل طائراتهم، ولا أدل على ذلك من أنَّ كابتن طائرة الخطوط الباكستانية قرر الإقلاع بسبعة ركاب زيادة دون مقاعد على الرحلة المتجهة من كراتشي إلى المدينة المنورة في العشرين من يناير الماضي، ولم يعلم بهم إلا بعد الإقلاع، وظل السبعة واقفون طوال الرحلة على طريقة ركاب الباص أو الأوتوبيس، وهو ما استدعى الشركة للتحقيق في ذلك لاحقاً.
الحديث أكثر عن أسرار قمرة القيادة، ربما جعلك تؤجل فكرة السفر مثلي مرات عديدة.
وعلى دروب الخير نلتقي.