«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
كان ذلك قبل عقود عندما استعد مشعان لاستقبال مجموعة من معارفه وأصدقائه هواة «صيد الحباري «والذين كانوا يشاركونه نفس الهواية وعشقها الدائم بل إن بعضهم يأتي إليه من مناطق بعيدة وحتى دول خليجية ومن أجل المشاركة والاستمتاع بالصيد وحتى قضاء أوقات ممتعة في أجواء ربيعية تميزت بها ربوع صحراء» النعيرية» ومن أجل ذلك نصب عددا من الخيام التي شكلت مخيما كبيرا وفر فيه وحسب رغبة الجميع كل ما قد يحتاجونه طوال أيام ممارستهم لهوايتهم المحببة. بل تقف إلى جانب المخيم باعتزاز سيارة «دوج» قديمة تحمل على ظهرها تنكر خاص بالمياه. لزوم الشرب والاغتسال.وعلى بعد خطوات من المخيم أقيمت حظيرة لمجموعة من الأغنام والتيوس.ولقد اعتنى مشعان بالمخيم الذي حملوه اصدقاؤه مسؤولية المخيم كاملة وكما يقال من الألف إلى الياء بحكم كونه أكثرهم خبرة وتجربة في مجال التخييم. فهو من الصقارين المعروفين والأكثر معرفة بصحراء النعيرية .والأماكن المناسبة لإقامة مخيمهم. ذلك المساء كان الجو لطيفا مشبعا بنسيم من الربيع الذي حمل معه عبير الزهور والنباتات الربيعية المختلفة التي تنمو في المنطقة خلال فصل الربيع. وأخذ مشعان يمد ساقيه على السدو.الذي فرش عليه بعض من قطع صوف الخراف . كان الهواء اللطيف يزداد روعة وعامل المخيم الهندي «كريس» يقرفص وهو يعد الشاي والقهوة بجوار فتحة «الخيمة» الرئيسة عندما خاطبه مشعان قائلا: لاتنسى أن تعد دلة شاي بالنعناع وأخرى بدونه فبعض من الضيوف لايحب النعناع. فرد كريس: «بابا هذا نفر مافيه معلوم فايدة النعناع» هذا نعناع كثير زين للصحة. وأضاف بلغته وبلكنته الهندية التي باتت معروفة في مختلف دول الخليج. بابا أنت معلوم أن هذا نعناع واجد مفيد للبطن..عندها قاطعه مشعان قائلا: مابقى إلا أنك تلقي محاضرة عنه لما يأتي الجميع.؟! فتطلع إليه كريس وقال أوكيه بابا مافيه كلام عن نعناع. مضى بعض من الوقت عندما بدأ هواة الصيد يتوافدون على المخيم. وكانوا طوال الوقت يتبادلون أخبار كل جديد عن موسم الصيد ونفوسهم تشتاق ليوم غد ليبدأوا في ممارسة هوايتهم والتي من أجلها قطعوا المسافات إلى هذا المكان.. وكالعادة بدأ التحضير لوجبة العشاء فاختاروا أن تكون وجبتهم الليلة (مندي تيوس) وكان هواة الصيد قد رافقهم بعض من معارفهم والذين تمت دعوتهم لمشاهدة عملية الصيد المثيرة والتي يراها البعض ممتعة. ولكن طيور الحباري المهاجرة لاتراها كذلك..وحول صحون المندي راح البعض يتحدث عن خبرته وتميزه بل ويفاخر براعته في صيد الحباري. وراح كل واحد يبذ أخاه في سرد بطولاته ونجاحاته حتى قال تصدقون ياجماعة في العام الماضي استطعت أن أصيد اكثر من 80 طير حباري. وكان ثمة ضيف غريب يستمع إلى أحاديثهم فقال له: يالحبيب اعتقد أنك لاتعرفني. ولكني أحب أن أعرفك بنفسي انا موظف في «الحياة الفطرية» وماقمت به عمل غير مقبول ولا مشروع. فالجميع يعلم بالعدد المسموح بصيده. أليس كذلك. وتوقف الرجل عن ازدراد لقمته وتغيرت ملامحه وقال: وأنت طال عمرك ما تعرفني فأنا وبلا فخر أكبر كذاب في الديرة؟!