ماذا تبقَّى ياعرب وماذا تنتظرون؟ من التساؤلات التي ستظل مطروحة وبشدة على الساحة العربية، وتنتظر إجابات واضحة لمواجهة ما يحيط بنا من مؤامرات، لم تعد تخفى الأيادي الخبيثة التي تحركها وتديرها بأقصى درجة من الحقد والكراهية للعرب والمسلمين، ويظل السؤال المُلحُّ ماذا ينتظر العرب حتى يتخذوا موقفًا واضحًا ومحدَّدا إزاء هذه المؤامرات والاعتداءات، التي أخذت أشكالاً متعددة في محاولة للنيل من هذه الأمة، التي استشرى العدوان الحاقد عليها حتى بلغ مداه الإجرامي بإرسال الصواريخ الإيرانية الصنع في اتجاه مهبط الوحي، مكة المكرمة قبلة المسلمين في مختلف أصقاع الأرض، ثم إلى العاصمة الرياض قلعة العرب والمسلمين.
ماذا تبقَّى بعد ذلك - أيها العرب - حتى تكون لنا غَضبةٌ مُضريةٌ نستيقظ بها من فُرقتنا لمواجهة العدوان، ونقف بها في وجه ما يُحاك لأمتنا من مؤامرات تستهدف أمنها واستقرارها وسيادتها؟
لقد أفصح أعداء الأمة عن نواياهم في استهدافنا بالأقوال والأفعال، وليس ببعيدٍ عن الذاكرة ما تتناقله وسائل الإعلام، والتي بحكم اهتماماتي الوظيفية السابقة استوقفني منها ذلك الكلام الواضح والصريح والذي ينضح بالكراهية للعرب والمسلمين، فقد تناقلت وكالات الأنباء الدولية ما قاله وزير دفاع النظام الإيراني في إحدى احتفالاتهم حيث قال: (إن العراق أصبح جزءًا من الإمبراطورية الفارسية، ولن يرجع إلى المحيط العربي، ولن يعود دولة عربية مرة أخرى، واستمر يهذي في أحلامه الدنيئة ويقول (نحن أسياد المنطقة فالعراق وأفغانستان واليمن وسوريا والبحرين، عمَّا قريب كلها ستعود إلى أحضاننا، وليذهبْ العرب إلى صحرائهم، وشكرًا لأتباعنا في البلاد العربية الذين بمساعدتهم سنصحح التاريخ).
وهل هناك صراحة في نوايا العدوان الحاقد على العرب والمسلمين أوضح من ذلك، وما هو التاريخ الذي يسعون لتصحيحه؟ وأين نحن العرب من تلك الأقوال العدوانية التي ترجمتها عمليًّا صواريخهم نحو مكة المكرمة والرياض؟ وأين نحن من تدخلهم السافر في اليمن وسوريا والعراق ومحاولاتهم المستميتة لاختطاف لبنان من أسرته وهويته العربية من خلال حزبٍ طائفي متطرف، يستترُ وراء شعارات دينية زائفة روَّجوا لها، ولكنه كشف - جهرًا - عن حقيقة انتمائه لأعداء الأمة فكرًا وتمويلاً وأهدافًا وسعيًا للنيل من مُقدَّرات الأمة وحاضرها ومستقبلها، فها هو يقوم بتجنيد المتطرفين وتدريبهم وتمويلهم، ليقوموا بعمليات إرهابية تنشر القتل والدماروالذعر بين المدنيين الآمنين في كثير من بلدان العالم العربي، وها هو أيضًا يسعى لانهيار المؤسسات الأمنية في الدول العربية، ويعمل على اختطاف لبنان بعيدًا عن الحضن العربي الذي تعتز به ويفخر بها.
فماذا تبقّى لنا بعد ذلك من براهين وأدلة، كي تسنتهض الأمة العربية قُواها، وتتخذ موقفًا مُوحدًا تُسخِّر فيه إمكاناتها وقدراتها للوقوف في مواجهة غطرسة الاعتداءات الآثمة، التي يقف وراءها عدو هذه الأمة الذي أصبح في حاجة لمن يقوم بردْعه، وبتذكيره بأنَّ تاريخ العرب يسجّل ويؤكّد أنَّ في مقدورهم أن يدافعوا عن كيانهم، ويصونوا بلادهم، ويحققوا ما يبدو اليوم مستحيلاً - في ظلّ تفرقهم -، لأن ما يوحّد بينهم ويجمعهم يعلو ويسمو على ما يدفع بعضهم للتغريد خارج السرب العربي.
إن أمتنا العربية اليوم في حاجة إلى أن تثبت أمام نفسها والعالم، أنها قادرة على وضع حدّ للانتهاكات والاعتداءات الإيرانية على الدول العربية،وأنها قادرة على المواجهة الحاسمة لمن يريد اختطاف لبنان ويهدد الاستقرار العربي، وكذلك مواجهة الميليشيات المدعومة من إيران داخل اليمن، وما تقوم به من إرهاب ضدَّ الأراضي السعودية، وتهديدها لأمنها وأمن المنطقة والعالم، ورفضهم العودة إلى الشرعية والالتزام بقرارات مجلس الأمن.
إن الأمل يحدونا في مقدرة العرب على التوحد، وعلى العمل الفعَّال في مواجهة الخطوب متى أرادوا، وإذا وضعوا أيديهم في أيدي القيادة الواعية الحكيمة لهذا الوطن، وسألوا أنفسهم «نكون أو لا نكون»؟
حفظ الله بلادنا ووفق قيادتنا لكل الخير والفلاح.
** **
- وكيل الوزارة، بوزارة الثقافة والإعلام، سابقًا