مها محمد الشريف
لبنان دولة عربية، عضو الجامعة، ونقطة ضوء في الجغرافيا العربية، وعبر تاريخها ترتبط لبنان بالخليج ارتباطاً متيناً، وللسعودية تحديداً يد طولى في الخير على هذه الدولة؛ سياسياً واقتصادياً وفي كل مراحل الأزمات التي تمر بها هذه الجمهورية الشقيقة، ولكنها ابتليت بورم خبيث طفر وانتشر في جسدها نتيجة سموم المد الإيراني، واستشرى حتى عطل كل وظائف جسمها وشل حركتها وانتمائها العربي وغير لونها واختطف صوتها وبصرها وشوه علاقتها بأهلها من العرب والمسلمين، إنه حزب الله الإيراني التابع لولاية الفقيه بطهران.
حاولت السعودية منذ لقاء الطائف وقبله أن تحافظ على وحدة لبنان وتجمع فرقائه، وكلما اهتز وضعه السياسي والاقتصادي دعمته، وتحملت منذ سنوات أذية وشر حزب الله من أجل النخب والشعب اللبناني النزيه على الرغم من أن هذا الحزب يحاربها بالسلاح والإعلام والمخدرات وكل ما أؤتي من فساد حتى بلغ الشر منتهاه، ووصلت بأيدي أفراده صواريخ إيران إلى الرياض في إعلان حرب صريح على المملكة، هنا لابد للسعودية أن تفعل كل شيء لحماية نفسها وقطع كل يد خائن.. وما إعلان الرئيس الحريري استقالته من الرياض إلا رفض منه للمسار الذي يقود فيه هذا الحزب الشرير لبنان وشعب لبنان، ومن المؤسف حقاً أن ينجرف في هذا الاتجاه الرئيس اللبناني ميشيل عون ويتبنى سياسة نصر الله بل يحاول أن ينقذ الحزب ومن ورائه الملالي من الموقف المربك لهما نتيجة استقالة الحريري وكأنها أزمة بين بلدين بينما هي أزمة نصر الله وحزبه مع العرب كلهم.
فأحداث لبنان المتسارعة في شمولها وتفاصيلها هي محاولة لتأجيج موقف كان خامداً في بركان يغلي في باطنه، فجره خروج سعد الحريري من لبنان إلى الرياض وتقديم استقالته فقد كانت بمثابة الحمم الثائرة وقد أصابت حكومة عون وحليفه حزب الله ومن ورائهم إيران بصدمة.
وانكشف للعالم أن ثمة من يدينون لحزب الله بولاء قاموا بإدارة مؤامرة تسحب لبنان إلى مواجهة عسكرية مع العرب وهنا مكمن الخطورة، عوضاً عن المساعي الدبلوماسية ذهبوا إلى مخطط عسكري، في حين أننا ندرك حقيقة كلمات رئيس الوزراء الحريري بأن النأي بالنفس التي تكررت في لقائه عدة مرات تشير إلى تسليم سلاح حزب الله للجيش ويجنب لبنان عودة الحرب الأهلية، لذلك ركز على النأي بالنفس لأن خطابه موجه للبنانيين وعن الخطر المحدق بهم.
ومن المنطقي في هذه الحالة أن تكون العقوبات كارثية وخاصة بعد ترحيل المغتربين، البالغ عددهم 350.000 ألف نسمة يحول المقيمين في المملكة سنوياً إلى لبنان 4.5 مليار دولار سنوياً، أضف إلى ذلك الدعم المقدم خلال 25 عاماً 70 مليار دولار، وحجم الاستثمارت التي يملكها لبنانيون 13 مليار دولار، وحجم الصادرات اللبنانية إلى السعودية 378 مليون دولار.
لاشك ستكون الظروف مهيأة لمخاطر اقتصادية غير مسبوقة، علاوة على ذلك، فإن لبنان يواجه خطراً أمنياً كبيراً بسبب حزب الله بوصفه شريكاً للحكومة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار رسائل عون الموجهة للسعودية والتلميح بخطف الحريري والمطالبة بعودته إلى لبنان ليكون بين أهله وشعبه وأنصاره.. مضيفاً أنه لن يقبل استقالة الحريري حتى عودته إلى لبنان. منذ وقع عون وثيقة التحالف مع ميليشيا حزب الله عام 2006. واستمرت في هذا التحالف. تعرض لبنان إلى الامتحان الأصعب الذي غسل أدمغة الحكومة لكي تقبل بهذه الروح الشريرة وانضما معاً لتدمير الطرق الآمنة.