عبده الأسمري
احتفلت به الشمال إنسانًا ومكانًا، صوتًا وصدى واحتفت به سهولها وواحات الخزامى والنفل.. وجه أصيل.. وأنموذج نبيل.. عاصر مناصب وناصر قضايا فعصر خبرته وانتصر بأدائه فكان شاهدًا على العطاء بسيرته ومسيرته مستشهدًا بالوفاء لقيادته ووطنه.
إنه الأمير فيصل بن خالد بن سلطان أمير الحدود الشمالية من بين أبرز نماذج الرعيل الشاب في الأسرة الحاكمة ومن الأمراء الشباب حاملي لواء الابتكار والتجديد في «إمارات المناطق».
بوجه أميري وسيم وعينين واسعتين وملامح باسمة تحمل الطموح وتمتلئ ودًا وجدًا تتشابه مع والده وتتقاطع مع أعمامه وتستلهم من جده الأمير سلطان -رحمه الله- سمات السمو وسمو الصفات وكاريزما أنيقة هادئة تنبع بالمعالي وتشع بالمعاني وصوت جهوري مسجوع بلغة أميرية واضحة وحنجرة أصيلة تخرج منها عبارات الإمارة واعتبارات الاستشارة وتعبيرات الإستراتيجية يطل الأمير فيصل أبرز القياديين الشباب من الجيل الثاني من الأحفاد علمًا من أعلام «الأمراء الشباب» ومعلمًا بشريًا للقيادة الشابة والريادة الطموحة.
وسط نسمات «الطائف» ولد وتفتحت عيناه نحو بوصلة فاخرة للمسؤولية رآها في اتجاهات أسرته ومحيط عائلته فنشأ يراقب والده وهو يوجه أرتال العسكريين ويرسم له خريطة تربية فالحة طامحة مستمعاً لمحافل الحكم في قصر جده لأمه الملك فهد -رحمه الله- وهو يستقبل زعماء العالم مراقبًا لجده لأبيه الأمير سلطان -رحمه الله- وهو يبلور منهجيات الدفاع والطيران فنشأ في بيئة تعج بالإعداد الأسري والاعتداد العملي والعتاد القيادي فنمت في عقله مناهج أسرية تملؤها أحاديث المنصات وأحداث المجد فتربى في «كنف» رعاية أب قائد ملأ قلبه بروح الطموح وعناية أم أمطرته بصروح الحنان ومعاني الامتنان فظل متجاذبًا مع مكونات شخصية ومكنونات عائلية ألهمته «التفوق» وألزمته «المثالية».
انتقل الأمير فيصل إلى الرياض ودرس في مدارس الرياض الأهلية وكان شغوفًا بتوصيات دؤوبة من جدة الأمير سلطان ووصايا دائبة من والده الأمير خالد فنال التميز وانتقل إلى جامعة الملك سعود فدرس العلوم السياسية التي تعلق بها قلبه وشغف بها فكرة ونال البكالوريوس باقتدار.
امتثل لنداءات روحه المسجوعة بالسياسة وتماثل مع نصائح والده وتوجيهات ذاتية شكلت خريطة دراساته العليا فطار إلى أمريكا وحصد درجة الماجستير في الشؤون الدولية مع مرتبة الشرف وعاد إلى أرض الوطن حاملاً حقيبة مكتظة بالتخطيط مليئة بالبشائر التنموية.
رجع للعاصمة الرياض التي طالما رسم في ليلها الهادئ معالم المستقبل وسجل في نهاراتها مواعيد استباقية مع مشاهد الغد وكتب في مساءاتها نصوص الشعر وقوافي القصيد فكان شاعرًا بالفطرة بارعًا بالقريحة.. لمست القيادة الرشيدة فيه روح الشباب وطموح الخبراء السابقين لعهدهم فتم تعيينه عام 1427 مستشارًا في ديوان سمو ولي العهد.
وفي الثلاثين من رجب عام 1437 أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أمرًا بتعيينه مستشارًا في الديوان الملكي بالمرتبة الممتازة وفي رجب 1438 دعته الثقة الملكية بالتعيين أميرًا لمنطقة الحدود الشمالية بمرتبة وزير.
استهل الأمير الشاب إمارته بتنمية المكان وتهيئة حكومة إليكترونية تحارب الروتين وتلغي المؤجلات. جاد كثيرًا وأجاد أكثر في خلق منظومة الأداء وفي نظامية الأداء فظل محاربًا للبيروقراطية.. قريبًا من الإنسان متقاربًا مع تفاصيل الخدمات وتفصيلات الجودة فكان للشمال «وعدها» مع سادن للنظام وخازن للمسؤولية.
اعتاد موظفو مكتبه تواضعًا جمًا ونبلاً أعم في تعاملاته الأخوية التي تبدأ من بوابة الإمارة وتنتهي بمدير مكتبه الخاص في نهار عمل حافل بالسخاء الإنساني والعطاء القيادي.
للمواطن في الشمال مواعيد لا تعترف ببروتوكولات المنصب ولا مواكب الإمارة جعلت الأمير مواطنًا بدرجة «أمين» ومسؤولاً بحلة «مراقب ميدان» يستجلي الحقيقة من منابعها ويرى الواقعية من نبعها واضعًا «الأحياء» وتطوير المكان وفجائية الرقابة ومفاجأة سير العمل ترتيبات في أجنداته الأسبوعية المليئة بمقابلة مسؤولية الإدارات والاطلاع على العمل من النقطة الأولى وحتى التوقيع الأخير وسط متابعة وإشراف لا يتقيد بعقارب الساعة على «المشروعات» الذي يعدها «سر التطور» و»محك العطاء».
طل الأمير فيصل كفجر للشمال وموعد للامتثال في حاضر زاهر وغدٍ باهر متكئًا على سنوات عمل حافلة بالإجادة والجودة في متون التوجيهات وفنون النتائج.