ياسر صالح البهيجان
لا تزال المطالبة بدمج هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع وزارة الشؤون الإسلاميّة محل جدل داخل قبّة مجلس الشورى، وتتراوح وجهات النظر ما بين مؤيّد للدمج بحجّة توحيد الجهود ومواكبة العصر وملاءمة الخطوة لرؤية المملكة 2030، وما بين رأي آخر يعتقد بأن استقلال الهيئة سيحفظ لها وجودها الفاعل، ويعزز من قدرتها في التصدي للتجاوزات الأخلاقية داخل المجتمع.
الأهم من الجدل القائم هو آليّة عمل الهيئة سواءً في حال استمرارها على ما هي عليه أو اندماجها، إذ أن الانغماس في مناقشة الجوانب الشكليّة داخل مجلس الشورى لا يمكن أن يسهم في تطوير أي جهاز حكومي، وأعتقد بأنه من الأولى أن يناقش المجلس الصلاحيّات الممنوحة للهيئة، ومدى تعارضها مع الجهات الأمنية في الدولة، وكيفية الاستفادة من كوادرها المؤهلة، والعمل على تلافي أخطاء بعض منسوبيها، وهذه الجزئيّات تشكل أهميّة تفوق بمراحل الأخذ والرد حول دمجها.
كما أننا من الضروري أن نتجاوز الحساسية في مناقشة تطوير جهاز الهيئة. هو جهاز حكومي كغيره من الأجهزة، ليس لديه حصانة تميّزه، ولابد أن يخضع للمحاسبة والرقابة والتطوير كما يجري مع سائر الجهات، ومن المستغرب أن تتخندق فئة لرفض أي مقترح حول الهيئة بحجة أن ذلك يمسّ شعيرة دينيّة، وهم لا يشعرون بأنهم يعطلون عمليّة تطوير الجهاز، ويجعلونه حبيس أخطائه التي قد تضر بمصالح المجتمع وتقوض مساعي التنمية الوطنيّة.
ما نريده هو العمل على اندماج الهيئة مع متطلبات المرحلة الراهنة سواءً تحت مظلة الشؤون الإسلاميّة أو بوصفها جهة مستقلّة، ولا يهم المجتمع مسماها ما دامت تؤدي الأدوار المنتظرة منها بكفاءة وجودة عاليتين، وتراعي خصوصيّة الأفراد، وتعمل وفق أنظمة محددة منضبطة وغير خاضعة لأي اجتهادات فرديّة، ودون أن تتعارض مسؤوليّاتها مع مسؤوليّات الأجهزة الأمنيّة في الدولة. كل ذلك يهم مجتمعنا ويلمسه المواطن في حياته وما عداه خلاف شكلي يهدر الوقت ويضيع الجهود دون أن يحدث أي تغيير حقيقي يعود بالنفع على الصالح العام.