«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
يزور معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ اليوم بابا الفاتيكان لتقديم الشكر على تصريحاته الإيجابية التي رفض فيها الربط بين الإسلام والعنف، واطلاع بابا الفاتيكان على آخر جهود المملكة في محاربة العنف والتطرف. في هذا الإطار، لم تنقطع الزيارات والحوارات بين الفاتيكان والمسئولين والعلماء في المملكة من خلال طرح قضايا مهمة تتعلق بنبذ العنف والتطرف والإرهاب من خلال حوار الأديان، ولاشك أن هذه اللقاءات أثمرت عن العديد من التفاهمات التي على ضوئها أعطت صورة واضحة عن حقيقة سماحة الدين الإسلامي الوسطي الذي عكس إيجابية هذا الدين وتعامله بين البشر على مختلف مذاهبهم.. ففي عام 1974م كان هناك لقاء رفيع المستوى بين علماء من المملكة بقيادة الشيخ محمد الحركان -رحمه الله-؛ حيث تم زيارة الفاتيكان في عهد الراحل الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وكان الغرض منها نشر سماحة الإسلام والتعريف بأنه دين محبة ورحمة وسماحة، وقد رافق الشيخ الحركان في هذه الزيارة التاريخية كبار المشايخ، وهم: محمد بن جبير، وراشد بن خنين، والشيخ عبدالعزيز المسند، وقد أسفرت الزيارة عن صدور وثيقة تاريخية مع الفاتيكان تحت عنوان: توجهات من أجل حوار شامل بين المسيحيين والمسلمين، وقد ألقى البابا في الفاتيكان كلمة رحب فيها بالوفد السعودي، وقال: أرحب بكم في الفاتيكان وأنتم تأتون من الشرق العزيز على قلب كل مؤمن، ونعرف المسؤوليات الرفيعة التي تسعون إلى تحقيقها في القضايا الدينية والقضائية والثقافية التي تتطلع معها قيادتكم ووطنكم بلد الحرمين الشريفين، مهد الإسلام ومستودع الكثير من القيم الروحية، ونعرف أيضاً أنكم تريدون أن تساهموا بالمساعي الرامية إلى رعاية حقوق الإنسان، وجعلها في المنزلة الرفيعة التي يستحقها، وذلك عملاً بتعاليم الإسلام.
المملكة مهد الإسلام
ورد الشيخ الحركان -رحمه الله- بأننا استمعنا إلى هذه الكلمة من البابا وهذه القيم الروحية السامية التي تعتبر المملكة مهد الإسلام ومستودعا له، وأن المملكة تسهر ما استطاعت على سلامة العقيدة الإسلامية وقيم الإسلام الخلقية والفقهية، وأن تعلقنا بهذه القيم هو الذي يجعلنا نساهم قي حقوق الإنسان وتعزيزها، ذلك أن الإسلام يعتبر هذه الحقوق جزءًا من معتقداته ومبادئه الإنسانية، ونحن نعتقد أن الأخطار التي تهدد حقوق الإنسان وكرامته وناشئيه عن ضعف الإيمان بالله، فالإيمان بالله وحده يحمل الناس على الاعتقاد بأن البشرية كلها أسرة واحدة.
انتهت المحادثات في المجلس الأوروبي وتوجه الوفد نحو القبلة من الكنيسة إلى الكعبة في مكة المكرمة ليقولوا للعالم إنها السعودية منبع الإسلام، ومقر السلام.
العيسى في زيارته للفاتيكان
توالت الزيارات إلى الفاتيكان فقد قام معالي الدكتور محمد العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي بزيارة إلى إيطاليا على رأس وفد رفيع المستوى ولقاء البابا فرانشيسكو، وكانت الزيارة ناجحة بكل المقاييس، خاصة أن هذا الوفد جاء من بلد الحرمين الشريفين، حيث تم بحث العديد من القضايا المهمة ذات الاهتمام المشترك فيما يتعلق بالديانتين الإسلام والمسيحية.
نحمل رسالة الملك سلمان
وهذه الرسالة التي حملها الدكتور العيسى تأتي منسجمة مع توجيهات ورؤى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، كما حمّلها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي أطلق حوار الحضارات، وزار الفاتيكان ليؤكد ملوك هذه البلاد للعالم أن رسالة المملكة للعالم أن الدين الإسلامي هو دين سماحة ومحبة، وأن احترام الإنسان وكفالة حقوقه هي في صلب الإسلام، وأنه لا مكان للتطرف والإرهاب، وأن الإسلام ينبذ كل الكراهية.
مواقف البابا العادلة
وأكد دكتور محمد العيسى متانة العلاقات مع الفاتيكان، معرباً عن تقدير العالم الإسلامي لمواقف البابا فرانشيسكو العادلة والمنصفة تجاه الدعاوى الباطلة والمعزولة التي تربط التطرف والعنف بالإسلام، حيث أوضح البابا في تصريحات سابقة أن هذه الأفعال لا علاقة لها بالإسلام وأنه في كل الأديان يحصل من بعضهم التطرف.
البابا ينتقد ميانمار لقتلها المسلمين
من جانبه انتقد البابا فرانسيس في تصريحات له -مؤخراً- ما يحدث لمسلمي الروهينجا من قبل سلطات ميانمار بسبب معاملاتها للهاربين من العنف وطردهم لهذه الأعداد، وقال: لقد طُردوا من ميانمار.. ورُحلوا من مكان إلى آخر بسبب أنه لا أحد يريدهم.. إنهم طيبون ومسالمون.. إنهم ليسوا مسيحيين إنهم طيبون إنهم إخواننا وأخواتنا.
وقال إن هؤلاء المسلمين يعانون على مدار الأعوام ويعذبون ويقتلون ببساطة لأنهم يريدون أن يمارسوا ثقافاتهم ودينهم الإسلامي.
البابا يدعو لإيقاف الحرب في سوريا وفلسطين
ودعا البابا فرانسيس المجتمع الدولي إلى الكف عن سفك الدماء وإيقاف الصراعات، خاصة في سوريا وفي فلسطين، وقال: يجب على الإسرائيليين والفلسطينيين نبذ الكراهية والانتقام، وعلى الجانبين فتح صفحة جديدة من العلاقات والتعايش والكف عن زيادة الاستيطان.
واستنكر ما يعانيه الشعب السوري من الهجرة والهروب من جحيم الحرب، وأن على المجتمع الدولي إيقاف هذه الحروب، وأن هذه الشعوب تعاني من الجوع والخوف وقصف المدن، وهذا غير مقبول، ويجب علينا أن نهتم بالمهمشين ونتعاطف معهم ونمد يد العون لهم.
العلاقات السعودية مع الفاتيكان
لا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بين المملكة العربية السعودية والفاتيكان، ولكن توجد اجتماعات على مستوى عالٍ بين مسئولين سعوديين والكرسي البابوي من أجل تنظيم الحوار بين الأديان، وفي نوفمبر 2007م زار الملك عبدالله بن عبدالعزيز البابا بنديكتوس السادس عشر بابا الفاتيكان في زيارة تاريخية أذابت الجمود في العلاقات بين العرب والفاتيكان، كما توجد أقلية مسيحية من العمالة الأجنبية في السعودية، ويسمح لهم بدخول الأراضي السعودية كافة، عدا مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة.
معلومات عن دولة الفاتيكان
حاضرة الفاتيكان هي أصغر دول العالم المستقلة مساحة، وهي مقر القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية، وتحيط بالفاتيكان من كل جانب العاصمة الإيطالية روما، أما أغلب سكان هذه الدولة الصغيرة فهم رهبان وراهبات من جنسيات مختلفة.
ولكن رغم صغر مساحتها، توجد في الفاتيكان العديد من المباني المهيبة، منها كنيسة القديس بطرس التي يؤمها المسيحيون من كل حدب وصوب، أما متاحف الفاتيكان ومعارضه الفنية فتضم تحفاً نادرة وثمينة جمعها الباباوات على مر العصور.
انتخب كرادلة الكنيسة الكاثوليكية أول بابا من أمريكا اللاتينية في آذار- مارس 2013، عندما اختاروا الكاردينال جورج ماريو بيرغوليا؛ أسقف العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، ليخلف البابا بنديكتوس السادس عشر الذي كان قد استقال من المنصب الذي شغله لثماني سنوات لدواعٍ صحية.
وكان البابا فرنسيس يبلغ من العمر عند انتخابه 76 عاماً، أي أنه كان أصغر بسنتين فقط من البابا بنديكتوس عند انتخاب الأخير، مما فنّد التوقعات التي كانت تقول إن الكرادلة سيختارون مرشحاً أصغر سناً لقيادة الكنيسة والتصدي للتحديات العديدة التي تواجهها.