د. عبدالرحمن الشلاش
نشرت جريدة لبنانية ما مضمونه أنه لولا النفط لكانت السعودية بلد خيمة وبعير. كان هذا الكلام جزء من سياق رديء مليء بالسخافة وقلة الأدب التي أعتاد عليها بعض العرب ممن تورمت قلوبهم حسداً على من أنعم الله عليهم ورزقهم من واسع فضلة، فالنفط رزق من الله وفضل ومنة كريم لأطهر بقعة على وجه الأرض.
لا يدري أصحاب القلوب السوداء والنفوس المريضة أن الخيمة والبعير مصدر فخر بالنسبة لنا نحن السعوديين وتعبير عن أصالتنا الضاربة في أعماق التاريخ يوم أن كانت خيمة الشعر المنصوبة في قلب الصحراء ملاذاً لكل العابرين والسائرين في كنفها يقصدونها فيقوم أهلها بواجب الضيافة وإكرام الضيوف التي ليست من ثقافة طوني وشلته، لأن الكرم من سمات العربي الأصيل والذي كان يأكل ويشرب بيده. كانت الخيام أو بيوت الشعر التي تنتظم الصحراء مصابيح تهدي السائرين. كان البعير سفينة الصحراء، ووسيلة النقل التي يعتمد عليها الآباء والأجداد، وندب القرآن الكريم البشر للتدبر بالنظر في خلقها، «أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت».
هكذا كان العربي الأصيل يسكن الخيام، ويركب البعير حباه الله ذاكرة قوية وذكاءً حاداً متوقداً، لم يعتمد في معيشته على غيره. صنع طعامه وشرابه بيده، وشيد الحضارات الشامخة في قلب الجزيرة العربية رغم محدودية الإمكانات وضعف الموارد وقسوة الطبيعة الصحراوية.
وسط هذه الظروف الصعبة نمت المدن العصرية، والمساحات الخضراء الشاسعة رغم ندرة المياه، خرج أبناء الصحراء يضربون في الأرض شرقاً وغرباً لطلب العلم والتجارة. خرج أبناء هذه البلاد من الخيام وإليها سيعودون. حتى وإن سكنوا الفلل والشقق وركبوا السيارات الفارهة فإن شغفهم بالصحراء أو ما نسميه البر دائم لا ينقطع، لذلك تجدهم في الإجازات الشتوية يقضون أياماً طويلة في الخيام، ويركبون الجمال ويشربون حليب النوق، يوقدون النار ويتحلقون حولها، يهربون من أكل المدينة المستورد وغير الصحي مثل الحمص والكبة والتبولة للأكل الصحي الذي يعشقونه ويتلذذون به مثل الحنيني وقرص الجمر والمندي والحنيذ، وهي أكلات لا يعرفها عملاء حزب اللات حيث تعودوا على التبطح في الفنادق والأماكن المشبوهة فالدفع الإيراني بالعملة الصعبة لهؤلاء العملاء. كلما زاد الدفع زاد نباحهم وتطاولهم، فعلهم قبيح وبضاعتهم كاسدة أول من يلفظهم ويتقزز من أفعالهم اللبنانيون الشرفاء.
ميزة السعوديين أنهم يعشقون تراثهم ويتمسكون به ويرون فيه العز والفخر لذلك لا قيمة لديهم لمثل هذا الكلام السخيف.