مها محمد الشريف
في زمن التشظي وتشرذم المجتمعات ظهرت لنا وجوه مصبوغة بلون التبعية، تتقيأ ألسنتها بما في صدورها من غلٍ وحقد، وأتاح لها من يملأ جيوبها بالمال شراء الأصوات والمنابر، لتصدر بذاءاتها لنا، ومن الغريب جداً أن مثير هذه الغضبة هو أننا ندافع عن وطننا وكرامة أمتنا العربية والإسلامية ونطلب من عروبة هؤلاء ونخوتهم أن يكفوا شرهم ويوقفوا حزب العمالة والخيانة لديهم.
لقد آن الآوان أن نختار بأنفسنا مسار مصالحنا دون مراعاة للوجوه المشوهة من حولنا، فماحدث من خذلان يتناسب مع القلق وحجم الصدمة، بمعنى بسيط للغاية أن يقتصر اهتمامنا على مصالحنا فقط، فعندما نمضي نترك التعويل على قدوم صديق يساند توجه سياستنا لأننا نعلم يقينا أنه لن يحيد عن مساره ومصالحه الفردية الضيقة، علما أن الأمور تسيرعلى المنوال نفسه منذ عقود طويلة.
وبالنظر إلى ما يتعرض له الشرق الأوسط من إرهاب وحرب وانتهاكات من قبل عملاء تستولي على الحكومات وتنفذ المؤامرات التي تُحاك في الخفاء، وتعمل على تدميرها وتشكك في العقائد والأديان وتجعلها شعارات للإرهاب، وتنثر رفات العالم الثالث كرماد في فضاءات العالم الفسيح...هل يحق لنا أن نتساءل، متى تستقر منطقة الشرق الأوسط وتنتهي الحروب والمؤامرات مثلما استقرت معظم دول أوروبا؟. بل ماذا تريد إيران وحلفاؤها من دول المنطقة؟
وقد أضيف إلى بيان الجامعة العربية إن صواريخ إيران باتت تهدد عواصم عربية، وذلك خلال المؤتمر الصحافي في ختام المؤتمر الطارئ لاجتماع وزراء الخارجية العرب، ولا جديد إذا قيل: إن إيران تواصل نشر مجموعات إرهابية في دول عربية مختلفة، كما أشار البيان إلى حزب الله كمنظمة إرهابية. ولن تعلن الدول العربية الحرب على إيران في المرحلة الراهنة، ولكنه شدد على تحديد آلية للتوجه لمجلس الأمن لوقف تدخلات إيران.
وهكذا، نحصل على أبسط حقوقنا كأمة عربية فإن الناس في هذه الجزء من الأرض تحلم بحياة آمنة. رغم وحشية هذا العالم وفوضوية الرعاع والمأجورين في كل مكان، وكثير منهم كأحجارعلى رقعة الشطرنج تحركها الجهات والمنظمات الداعمة كيفما تشاء، لا نعلم لماذا الدول العظمى لم تدن هذه الانتهاكات منذ بدايتها وخرجت من تحفظها ببطء شديد؟.
لذا، نسأل بعدما دُفعت التكاليف كاملة، هل تستطيع أمريكا وروسيا تعويض مادمرته الحرب وميليشيا إيران في كل دولة عربية، وتساهم في بناء الدول المنكوبة والمدمرة التي شاركت في الحرب فيها، أم أن العالم اليوم يرتهن للمستقبل بتفاصيل يحجبها الغمام.كتبها التاريخ باتساق صارم.
لقد انضوى كثير من الوقت تحت راية مرحلة جديدة، بزغ معها فجر يوم جديد أصدرت خلاله اللجنة الثالثة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قراراً أممياً يدين انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، والممارسات اللاإنسانية التي يمارسها النظام الإيراني على القوميات والأقليات الدينية مسجلا أغلبية بـ83 صوتاً ولو أن هذا القرار أتى متأخراً بعدما عاثت طهران فسادا في الدول العربية وغيرتها ديموغرافيا.
ولكننا نباركه كحق من حقوق عرب الأحواز الذين يتعرضون لانتهاكات خطيرة لم تراع حقوق الإنسان فيها وكرامته ونصبت لهم المشانق في الشوارع لإرهابهم وإعدامهم، وجاءت الولايات المتحدة الأمريكية على رأس الدول المؤيدة للقرار، بالإضافة إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا واليابان وكوريا الجنوبية وإيطاليا، والمملكة العربية السعودية. ولن نذكر البقية المعارضة والممتنعة عن التصويت، ولكن بوجه عام لابد من فك الرموز الغامضة ولو أن الجميع يتفق أن لكل دولة سياسة وأسبابا.