على مساحة تتجاوز 45 ألف متر مربع يقع الحي التاريخي في ينبع الذي يحوي 100 مبنى تراثي، ويتمتع بإطلالة مباشرة على ساحل البحر الأحمر. يتميَّز الحي بطراز بناء تقليدي ومبانٍ تراثية شامخة زُيِّنت بمشربيات وأبواب خشبية، أبرزها: بيت بابطين، وبيت الخطيب، وسوق الليل الشعبي.
الحي التاريخي بينبع (حي الصور) يشهد حالياً مشروعاً ضخماً للترميم لتحويله إلى وجهة سياحية تراثية رائدة على مستوى المملكة.
وتتبنى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني هذا المشروع بالشراكة مع بلدية ينبع وشركة أرامكو السعودية، وشركة سابك، والهيئة الملكية للجبيل وينبع والمجتمع المحلي.
وقد طرحت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مؤخرا مشروع ترميم وتأهيل عشرة مبانٍ تراثية بوسط ينبع التاريخي (المرحلة الأولى)، وسوق الليل المرحلة (الثالثة)، وقد عملت الهيئة على ترميمها وتهيئتها لاستقبال الزوار، باعتبارها إرثًا تاريخيًا للوطن، تسهم في التنمية الثقافية والسياحية في المملكة، وسعت لتوفير كل ما تحتاجه تلك المواقع والمباني الأثرية من ترميم والمحافظة على المبني ليكون عامل جذب ثقافي في المنطقة، محافظة بذلك على ثروة مهمة في بلادنا.
ويتكوَّن مشروع ترميم وتأهيل المنطقة التاريخية في حي الصور بمحافظة ينبع، من أربع مراحل عمل تنفِّذها الهيئة بالتعاون مع جهات حكومية وخاصة ومع المجتمع المحلي، وكانت المرحلة الأولى قد انطلقت عام 1434هـ، واستمرت عامين ونصف العام؛ لأنها كانت البداية وشملت مراحل عدة، أبرزها: تسويق المشروع، وتحديد الشركاء، والتوثيق والدراسات، والتواصل مع المجتمع المحلي وطرح فكرة المشروع وانعكاساته عليه. أما المرحلة الثانية فقد دُشِّنت مؤخرًا، وستنطلق أعمالها التنفيذية بعد شهر ونصف من تاريخه ولمدة 18 شهرًا، فيما ستنطلق المرحلة الثالثة مع بداية العام 1439هـ، ومع انطلاقة عام 1440هـ، ستكون المرحلة الرابعة والأخيرة.
وقد أكد الدكتور عبدالعزيز آل الشيخ، نائب الرئيس للمساندة في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أن الهيئة ومنذ تأسيسها أخذت على عاتقها ضمن مهامها المتعدِّدة وبالتعاون مع شركائها، مهمة إعادة الحياة للمباني التاريخية والتراثية في مدن المملكة كافة من منطلق الحفاظ على المكتسبات الثمينة لتراث هذا الوطن، ولتشكِّل إرثًا ثقافيًّا واجتماعيًّا ومخزونًا فكريًّا يعود بذكريات النشء الجديد إلى تاريخ الآباء والأجداد الذين نهضوا بهذه البلاد، وشاركوا بقوة في توحيدها ومسيرة بنائها، حتى باتت واحة أمن واستقرار وأمان.
وبيَّن أن الهيئة ومنذ عام 1433هـ عملت بالتعاون مع إمارة منطقة المدينة المنورة وشركة أرامكو السعودية وشركة سابك والهيئة الملكية للجبيل وينبع، وعدد من الشركاء في القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المحلي، على تدشين مشروع خاص بحي الصور التاريخي في ينبع؛ ليكون معلمًا تراثيًّا وسياحيًّا وثقافيًّا.
وعن دور المجتمع المحلي في تأهيل حي الصور التاريخي، شدد الدكتور عبدالعزيز آل الشيخ على أن المجتمع المحلي بمختلف فئاته كان شريكًا رئيسًا وقائدًا لأعمال الترميم في الحي، «فهو مجتمع نموذجي ومحب لتاريخ الوطن وحضارته، وأول إسهاماته إتاحة الفرصة للهيئة بترميم مبانيه من خلال تسليمها، ودعمها عبر مشاركته في توثيق معلومات بعض المباني المزالة بالكامل، وتبرع بعضه بترميم وتشغيل عدد من المباني في الحي»، مفيدًا: «وخلال مراحل التنفيذ حتى بعد تدشين المرحلة الأولى، كان للمجتمع المحلي حضور كبير، حيث تلقينا منه كامل الدعم من خلال عودته إلى الحي وتنشيطه.
وللبلدية دورها
من جهته، أوضح المهندس فهد المشعان، رئيس بلدية ينبع، أن البلدية قامت خلال عملها ضمن المرحلة الأولى من مشروع ترميم وتأهيل المنطقة التاريخية بحي الصور التاريخي في مدينة ينبع، بتنفيذ مخططات تصميمية للساحة الملاصقة للمدينة التاريخية روعي فيها أن تكون ساحة مفتوحة شاملة المسطحات الخضراء وساحة للاحتفالات والمناسبات وممرات للمشاة وذوي الاحتياجات الخاصة على مساحة إجمالية تقدَّر بـ 35 ألف متر مربع، مع المحافظة على النخيل القائم متوائماً مع التصاميم التي أعطت طابعًا جماليًّا للموقع وإنشاء مواقف للسيارات بحسب ما توفر من أراضٍ.
أما فيما يخص دور بلدية ينبع وما تبنَّته من مهام خلال المرحلة الثانية من المشروع التي أطلقت مؤخرًا، بيَّن سعادة المهندس فهد المشعان أن البلدية أخذت على عاتقها ضمن مهامها في المشروع استكمال رصف الساحات المحيطة والممرات الرابطة بجامع السنوسي الذي يعدُّ جزءًا من المنطقة التاريخية، والذي قام سمو أمير منطقة المدينة المنورة بالتوجيه بترميمه، ما أضاف للمنطقة جمالاً حفّز لاستكمال بقية أعمال التطوير بما يتواكب مع هذا العمل الجبار، مضيفًا: «نعمل جنبًا إلى جنب وبتوجيهات واجتماعات مستمرة تحت رئاسة سعادة محافظ ينبع المهندس مساعد بن يحيى السليم الذي خصص اجتماعًا أسبوعيًّا على مدى الثلاثة أشهر الماضية، وما زال مستمرًّا؛ بهدف حل أي مشكلة قد تطرأ في أعمال التطوير المستمرة».
إيجابية مجتمعية
بدوره، أكد خالد بن محمد الصفيان، مدير المسؤولية الاجتماعية في شركة (سابك)، أن مشروع المنطقة التاريخية في ينبع يعدُّ أحد المشاريع الوطنية النوعية التي تستهدفها (سابك) لتسهم من خلالها في الاهتمام بالتراث الوطني والمحافظة على الإرث التاريخي؛ عبر إحياء الموروث وتعريف الأجيال بتراث الآباء والأجداد، إضافة إلى ما يوفره المشروع من فرص عمل في الخدمات المتعلقة بقطاع السياحة والتراث الوطني، ولاسيما أن محافظة ينبع تزخر بكثير من المقومات السياحية والتراثية، مضيفًا: «بفضل من الله أسهمت (سابك) في إحياء المركز التاريخي، وترميم وإعمار منزل البابطين الذي جرى تحويله إلى فندق، كما تم إحياء (سوق الليل) «السوق النسائي الأول على مستوى المملكة»، والذي شهد إقبالاً كبيرًا على معروضات الأسر المنتجة والفتيات والحرفيات».
وأعرب مدير المسؤولية الاجتماعية في شركة (سابك) عن اعتزازه بالحفاوة والسعادة التي لمسها من المجتمع في محافظة ينبع، ما يؤكد أن المشروع يسير في الطريق الصحيح، مفيدًا: «تواصل (سابك) عزمها المضي قدمًا في دعم المشاريع الوطنية المهمة التي تعود بالنفع على المواطن وترتقي به في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية، انطلاقًا من الرسالة التي وضعتها الشركة في مجال المسؤولية الاجتماعية وتنمية المجتمعات للمساهمة في دفع عجلة التنمية في الوطن».