د. أحمد الفراج
لم يكن اجتماع الجامعة العربية الأخير عاديا، فقد اعتدنا، قبل ذلك، على اجتماعات باهتة، نعرف نتائجها قبل أن تبدأ، ولا ننسى ذات مرة، عندما قرأ معمر القذافي البيان الختامي، قبل أن تبدأ القمة!، ففي الاجتماع الأخير، الذي عقد بشكل استثنائي بدعوة من المملكة، وضع وزير خارجية البحرين النقاط على الحروف، في كلمته أثناء افتتاح القمة، وكان واضحا أن المملكة وحلفاءها في الخليج قد سئموا سياسة المهادنة، والتغاضي عن تساهل بعض الدول العربية تجاه الخطر الإيراني، وقد استخدمت هنا عبارة «تساهل» تخفيفا، وإلا فإن الأمر قد يدخل في خانة التواطؤ، في كثير من الأحيان.
وزير خارجية البحرين، وبعد أن تحدث عن خطر إيران، وسياساتها التوسعية، وجرائمها الإرهابية، وتدخلاتها في الدول العربية، قال لوزراء الخارجية العرب: «إذا لم يكن لديكم الاستعداد للوقوف صفا واحدا ضد الخطر الإيراني، فإننا سنكون معذورين إذا بحثنا عن تحالفات جديدة، تخدم مصالحنا، وتخدم أمننا القومي»، والرسالة كانت موجهة لتلك الدول العربية، التي تتحالف مع إيران، أو تقف منها على الحياد، ولم نعهد مثل هذه اللغة الواضحة والصريحة في اجتماعات الجامعة العربية، إذ من الواضح أن لغة المجاملات ولّى زمنها، ولعل الجميع فهم الرسالة، التي لمّح بها وزير الخارجية السعودي، السيد عادل الجبير، وصرّح بها الشيخ خالد ال خليفة، وزير خارجية البحرين.
النتائج جاءت سريعة وتاريخية، كما وصفها وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، فقد كان البيان الختامي قويا وموحدا، ونص على ضرورة التوحد في مواجهة إيران، وأدان إطلاق صاروخ «إيراني الصنع» على السعودية معتبرا أنه تهديد للأمن العربي، كما وصف»حزب الله» اللبناني بأنه إرهابي يدعم الجماعات الإرهابية في الدول العربية، كما أكد على حق السعودية في الدفاع الشرعي عن أراضيها ومساندتها في الإجراءات التي تقرر اتخاذها ضد انتهاكات إيران في إطار الشرعية الدولية، وحمّل البيان حزب الله مسؤولية دعم الجماعات الإرهابية في الدول العربية، واتهمه مع الحرس الثوري الإيراني بتأسيس جماعات إرهابية في مملكة البحرين، وهذه قرارات حازمة وغير معهودة في تاريخ الجامعة العربية، ويظل العنوان الأبرز للاجتماع هو عزم المملكة وحلفائها على عدم المهادنة مستقبلا مع أي دولة عربية تتواطأ، أو تمسك العصا من المنتصف، تجاه أي عدو يهدد الأمن العربي!.