مها محمد الشريف
في أواسط الثمانينات الميلادية في العام 1985- 1986، نشر الكاتب الإنجليزي «روبرت ليسي» عن عصر ذهبي في عهد المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله-، الذي كان يمسك بزمام الأمور ويشارك في القرار الدولي، ولهذا التاريخ شواهد يقف لها العالم إجلالاً وإكباراً، وكان أهمها قضية العرب الأولى فلسطين.
واليوم يعيد التاريخ تلك الشواهد فمن الرياض تنطلق الجهود المتواصلة لحل مشكلة سوريا العربية، كأحد أهم القضايا التي تحرص المملكة وخادم الحرمين الملك سلمان -حفظه الله- على إيجاد حلول سياسية لها؛ حيث تشارك المملكة بثقلها الدولي والسياسي لإيقاف هذه الحرب، وبمفهوم التدخل الإنساني القديم جداً وحالته الحقيقية في هذه الدولة وجوهرها النقي مناراً لهذا المفهوم.
لم يكن بشار الأسد رئيساً إصلاحياً، كما يعلم الجميع في سياساته وتوجهاته، فقد استخدم كل القوى الاستعمارية، البطش والقتل والتهجير، ورغم ذلك وجد صمتاً مريباً من الغرب ومساندة من عدة دول، ولكن حان الوقت لإيقاف هذه الحرب الأهلية الظالمة، فقد أعلنت المعارضة السورية المجتمعة في العاصمة السعودية الرياض عن تشكيل هيئة مكونة من 50 عضواً للمشاركة في محادثات جنيف الأسبوع المقبل. وأكد المشاركون في المؤتمر الموسع الثاني للمعارضة السورية في العاصمة السعودية الرياض، أنه «لا مكان» للرئيس السوري بشار الأسد عند بدء المرحلة الانتقالية في سوريا.
لقد نشأ من جذور العنف والقوى الاستعمارية منظمات إرهابية دفعت بها الدول الراعية للإرهاب لتفتيت البنية التحتية لسوريا، حتى دمرتها وهجرت شعبها، وعملت على إطالة أمد الصراع، كما نشأ في نفس الظروف والحالة وعد بلفور المشؤوم تجاه سوريا وفلسطين والمنطقة ككل، لأغراض استعمارية وضمانات متناقضة كانت تعطى للفلسطينيين وفي الخفاء تكتب تاريخ مصير إسرائيل على أرض فلسطين.
وما حدث في الواقع هو دافع يعكس حالة نظام سورية اليوم، ولذا، حرصت المملكة والمجتمع الدولي على نهاية هذا الفيلم وكشف الضبابية عن الأمور المعرقلة للسلام على أرض الشام. وهكذا حبذت دول المنطقة والعالم ما طُرح في الرياض، ودخلت قوى المعارضة السورية اجتماعها الموسع في محادثات مكثفة بغية توحيد صفوفها قبيل جولة المفاوضات الجديدة مع ممثلين عن النظام في جنيف الأسبوع المقبل.
ويتسم عالمنا اليوم بوعي يرفض الفوضى بتضافر الجهود لحل النزاع حتى تتوحد الأهداف والأساليب، وينخرط في هذه المهمة نحو 140 شخصاً يتوزعون بين المعارضة الرئيسية الممثلة خاصة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وبين ممثلين عن منصة القاهرة التي تضم مجموعة معارضين مستقلين، فإنّ مصر تستطيع أن تلعب دوراً مهماً إلى جانب السعودية في البحث عن معادلات أكثر واقعية، ومشاركة منصة موسكو القريبة من روسيا تعزز الموقف أيضاً.