استضافت اثنينية الذييب الأسبوع الماضي الكاتب والناقد الدكتور حسين المناصرة، المتخصص في النقد الأدبي الحديث، وفي الرواية العربية بشكل خاص.
ودار النقاش حول الرواية العربية، وإشكالية كون الرواية العربية ديوان العرب في مقابل مقولة إن الشعر العربي هو ديوان العرب. واستهل الإعلامي الشاب ياسر الحكمي، مدير الندوة، اللقاء بهذا التساؤل الذي أجاب عنه الدكتور حسن المناصرة، مبينًا أن الشعر في العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام كان هو ديوان العرب، وهي الحقيقة التي لا يمكن أن يغفلها أحد، مشيرًا إلى أن التحولات الاجتماعية التي مرت بها الأمة العربية منذ ذلك الحين دفعت الرواية لتصبح هي ديوان العرب؛ ما جعلها تتغلب على الشعر. وفي لمحة تاريخية لحركة الرواية في المجتمع العربي أوضح الدكتور المناصرة أنه منذ بداية عصر النهضة في خمسينيات القرن الماضي بدأت الرواية العربية تظهر على الساحة، وزاد إنتاجها إلى أن أصبحت تستحق مقولة «الرواية هي ديوان العرب». وقد كان الإنتاج آنذاك قد وصل إلى 3000 رواية، وهو رقم كبير في ذلك الحين؛ كان من شأنه أن يؤثر في مدى انجذاب جمهور القراء إلى الشكل الأدبي الجديد ومتابعته. كما احترف الكثير من المثقفين في ذلك الوقت كتابة الرواية؛ وهو ما يثبت مقولة مارون عبود الكاتب اللبناني الكبير حين وصف الحركة الروائية في ذلك العصر بقوله: «كل من يعرف القراءة والكتابة أصبح يسارع في كتابة الرواية». ويرى الدكتور المناصرة أن ما يميز الرواية عن باقي أشكال الكتابة الأدبية هو كونها تضم أنواع الكتابات الأخرى كافة، منها الشعر والقصة والفن التشكيلي، وحتى كتابة السِّيَر، وهو السبب الذي أهَّلها لأن تتصدر باقي الأنواع الكتابية الأخرى. وإضافة إلى ذلك، والحديث للدكتور حسن: «الشعر ابن الطبيعة والصحراء التي انطلق منها، بينما الرواية هي بنت المدينة ونتاجها والوسيلة الأنسب لوصف طبيعة الحياة والعيش في المدن. وحين نرى ذلك ندرك مدى عجز الشعر عن تجسيد العلاقات المتشابكة والمتسارعة التي تختلف بها المدينة عن البادية». بعد ذلك ألقى المناصرة الضوء على تأثيرات الاستعمار الإيجابية في مجال التأليف والكتابة؛ إذ انتشر مع وجود الاستعمار في الدول العربية التعليم، وانتشرت أعمال الترجمة، وظهرت الصحف والمجلات بفضل ظهور الطباعة. ويضيف: «كل هذه التطورات كانت في صالح الرواية العربية مقابل الشعر؛ ذلك أن أغلب الكتابات والترجمات كانت نثرًا، وليست شعرًا». كما أننا لا يمكن أن نغفل الحركات السياسية والاجتماعية ودورها في ظهور الكتابة النثرية. وكان للرواية السعوديةصيبٌ من الندوة في اثنينية الذييب؛ إذ أعطى الدكتور حسن المناصرة لمحة عن بدايات العمل الروائي بالمملكة. وكانت رواية (التوأمان) للكاتب عبدالقدوس الأنصاري أول عمل روائي يصدر بالمملكة. بعد ذلك بما يزيد من عشرين عامًا صدرت رواية «ثمن التضحية» لحامد الدمنهوري، الراوي والأديب والشاعر السعودي، التي فيها رصد التحولات النفسية والفكرية التي طالت بطل الرواية بعد عودته إلى مسقط رأسه بمكة المكرمة حاملاً شهادته الجامعية من مصر. ويقول المناصرة إن الرواية بالمملكة بدأت بشكل حقيقي في التسعينيات من القرن الماضي، وكانت من نوع الروايات السيرية، وكان من أشهر الكتاب في ذلك الوقت الدكتور غازي القصيبي، الذي أثرى الحركة الروائية بالمملكة بكثير من الروايات، مثل شقة الحرية، والعصفورية، وغيرها الكثير، إضافة إلى إسهاماته الشعرية والمؤلفات غير الأدبية. بعد ذلك ظهرت رواية الكاتبة رجاء الصانع «بنات الرياض» التي أحدثت ضجة كبيرة في المجتمع آنذاك. وبشكل عام يرى الدكتور حسين أن النتاج الروائي بالمملكة يعد قويًّا ومتدفقًا، مشيرًا إلى ما صدر من عدد كبير من الروايات في العام 2016، الذي وصل إلى 100 رواية، فيما يقول آخرون إن هناك إحصائية تتحدث عن أن الروايات السعودية وصلت إلى قرابة 1000 رواية منذ عام 2004 حتى الآن. وفي نهاية الندوة تقدم الأستاذ حمود الذييب بالشكر الجزيل للكاتب حسين المناصرة على محاضرته القيمة، مقدمًا له درع الاثنينية التذكارية تقديرًا على المحاضرة القيمة التي أضافت إلى رصيد الاثنينية.