د. خيرية السقاف
«وطن بلا مخالف»
امتدت مكافحة الفساد لتأخذ في اجتثاث كل ما يعطل النظام، ويتجاوز الحدود، ويتمرد على القيود، وكل الذي يجرح السِّلم، وينقض الأمن، ويقلق النفوس، ويزحم الجداول النقية دون أن تنساب في مسارها نحو اتجاهها الصحيح..
هذا الامتداد جاء بخض مفاصل المجتمع، ونخل طحينه، من النوعي، إلى الإنسان، ومن المخبوء إلى العيان، بعزيمة، وتدرُّج، وتوعية، وفرز الصحيح السليم، عن الخطأ النشاز لكل من، وما هو مدمج، وفاعل في مسيرة المجتمع.. ليس فقط في الشأن البشري ليبقى الممتثل للنظام وفق إجراءاته الموضوعة بإحكام، وشروطه الملزمة بالامتثال على الرحب والسعة، ومن لم يكن فعليه المغادرة مصحوباً بالاحترام في حال عدم تقيُّده بشروط الحملة، ومتطلباتها، وإنما شملت كل مفاصل المجتمع بتنوعها، وقد أمدت الحملة وتجاوزت مواعيدها لمرات، رغبة في إتاحة الفرصة للجميع ممن عليهم البقاء النظامي، أو المغادرة..، أو أولئك الذين على مفسدة وخطأ ليغيروا من مسارهم ويتجهوا صواباً، ويتطهروا..
ولقد شملت هذه الحملة في خضيضها النوعي في الشأن الحياتي، منه حصاد الأعمال، ومحاصيل التجارة، وسوء الاستهلاك، والغش التجاري، والمرهبين الناس أمناً، واعتداءً، وسرقة، وفواحش، وتصنيعاً، وبيعاً، وشراءً، بل لم تغفل السلوك الفردي في الاعتداء على الحيوان، والطير، وصيد البحر، بل أوغلت في التطهير لأوكار الخفافيش في الظلام يصنعون الخمور، ويتاجرون في السوء، ويجوبون السوق شحاذة، وتغريراً..
لله درُّها من جهود، لله درُّهم من رجال
يشارك فيها كل جندي يحمل على كتفه، وصدره وسام عمله، وصفة اختصاصه في أجهزة الأمن ومسانداتها..
شباب ذوو فتوة في العزم، وصدق في الإقبال، وتفانٍ في العطاء، وفدائية في المسؤولية، ليلهم نهار، وفجرهم ساعة عمل، يد واحدة، تجمعهم المسؤولية، وتوحِّد جهودهم الأهداف منها، وتؤلف بينهم الرغبة في تطهير المجتمع..
حملة ليست فقط لتجعل الوطن بلا مخالفين، بل بلا زيف، ولا غش، ولا طمع، ولا تهاون، ولا سرقة، ولا اعتداء، ولا إيذاء..
تجعله وطنا الحريةُ فيه قيد ذاتي، والذات فيه عضو في جسد..
فليبارككم الإله..
ولتبارك جهودكم، ومساعيكم أيها الجنود من أول رتبة، لآخر وسام على الرأس، والكتف..
من أول ذي قلم، لآخر من يعبئ المحبرة..
من أول من يقدم فيكم اللقمة لكم، ويمدكم بقطرة الماء وأنتم في دروبكم الوعرة، والناس في طمأنينتهم يدرجون، لآخر من يخطو بكم نحو إشارة ما في خريطة بدءٍ لمهمة في مهامكم..
ليبارككم حرز الله من أول صمت فإقدام، لآخر صدى لصوت فاطمئنان..
والتحية لوطن بلا مخالفات، لنظام لا تسقط من عقده حبة أبداً..