فهد بن جليد
ما تزال الذاكرة السعودية محملة بأكثر الصور وضوحاً لدور القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية عندما يتم ذكر شركة أرامكو، وما قامت به مع بداياتها من أعمال تطوعية ساهمت في تطور المجتمع كبناء المدارس ودعم الابتعاث وشق الطرق.. إلخ -وإن اختفت هذه المُساهمات أو تقلصت بشكل كبير- في العقود الأخيرة، إلا أنَّها تبقى النموذج الأكثر وضوحاً في ذلك الزمن، الذي نتمنى عودته أو ولادة نماذج مُشابهة له أو قريبة منه على أقل تقدير.
ما دعاني لتذكر هذا هو اقترابنا من نهاية السنة الميلادية التي تنتهي معها السنة المالية للكثير من الشركات العملاقة العاملة في المملكة (سعودية أو مُستثمرة) وعلى رأسها المصارف والبنوك والمجموعات الكبيرة المُماثلة، والتي تسجل معها أرباحاً طائلة، وأرقام كبيرة بإغلاق حساباتها المالية السنوية، بفضل ما أنعم الله به على هذه البلاد من خير وأمن وآمان وبيئة خصبة وناجحه للاستثمار والعمل، مما يجعلنا نتساءل عن دور هؤلاء في المجتمع، كمسؤولية اجتماعية ووطنية أخلاقية غير مُلزمة، إذ لا يوجد في النظام ما يجبر القطاع الخاص على القيام بمثل هذه الأعمال التطوعية التي تبقى عملاً اختيارياً وتصرفاً أخلاقياً يحمل الكثير من المعاني الجميلة، للمساهمة في رفاهية ورقي المجتمعات التي تعمل فيه عادة مثل هذه الشركات والبنوك.
أفضل طريقة لرد الجميل لهذا الوطن وأهله، ولخلق صورة جيدة وسمعة حسنة عن التاجر أو الشركة، وزيادة الشعور بالولاء تجاههما، هو الاقتراب أكثر من المجتمع بتقديم مبادرات وبرامج اجتماعية وطنية ملموسة (طبية، بيئية، رياضية، تعليمية، عمرانية، ترفيهية، تطويرية، تأهيلية.. إلخ)، مما يشعر به الناس ويُشاهدونه حقيقة أمامهم، وهي أكثر تأثيراً -برأيي- من الإعلانات المباشرة عن الخدمات والتخفيضات، التي تتم عادة وترصد لها الميزانيات، لأن الناس ببساطة سيشعرون بأنَّ الأموال التي يدفعونها ستعود عليهم بالنفع في نهاية المطاف، كأفضل إعلان مجاني يمكن أن تفكر فيه ولن يكلف كثيراً، وليس كما تعتقد بعض هذه الشركات والمصارف التي تتذكر المسؤولية الاجتماعية وتؤكد عليها، وربما تضمنها الاتفاقات والالتزامات فقط عندما يأتي ذكر مصالحها وتصنفها على هذا الأساس.
بذات الطريقة التي يتم فيها نشر وإعلان الحسابات الختامية للسنة المالية على مسطرة الربح والخسارة، أرجو أن تمتلك بعض الشركات لدينا الشجاعة الكافية لنشر حساب البرامج والمبادرات التي قدمتها للمجتمع السعودي هذا العام من باب المسؤولية الاجتماعية، مع تقديرنا لمن يقوم بذلك من رجال الأعمال والشركات، وتطلعنا لزيادة الدائرة واتساعها.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،