د. أحمد الفراج
هذه الأيام، تتصدر قصة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع الإعلام الأمريكي معظم وسائل الإعلام والسوشال ميديا حول العالم، وهي العلاقة، التي كتبنا وتحدثنا عنها كثيرا، فمنذ أن بات جليا أن ترمب يبلي بلاء حسنا في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، تخلت معظم وسائل الإعلام الأمريكية عن الحد الأدنى من الحياد، وأصبحت خصما شرسا له، وكانت قبل ذلك تروج له، لأنها كانت تجزم بأنه لن يكون أكثر من مهرج في سيرك!، ولكنها قلبت له ظهر المجن، عندما جندل مرشحي الحزب الجمهوري واحدا بعد الآخر، ومنهم مرشحون كبار، مثل السيناتور تيد كروز، والحاكم السابق لولاية فلوريدا، جيب بوش، الذي ترشح وهو يحمل إرث آل بوش، ويطمح في أن يصنع تاريخا لا ينسى فيما لو فاز، لتصبح المرة الأولى، التي يصل فيها لمنصب الرئاسة، أب واثنين من أبنائه!.
كان الوقت متأخرا جدا لوسائل الإعلام الأمريكية، ووراءها المؤسسة الرسمية، وحتى الحزب الجمهوري ذاته، عندما تبين أن ترمب هو الحصان الرابح، الذي عرف تماما ما يتوجب عليه فعله ليفوز بالرئاسة، أي اللعب على وتر نصرة شريحة واسعة من الشعب الأمريكي، وهي الشريحة التي كانت قد فقدت ثقتها بالساسة التقليديين، فخاطبها ترمب باللغة التي تريد، وغني عن القول إن هذه الإستراتيجية العبقرية، التي أوصلت ترمب للرئاسة، كانت من بنات أفكار مستشاره الخاص، اليميني ستيفن بانون، الذي عينه ترمب بعد فوزه كبيرا للمستشارين الاستراتيجيين، ثم عزله في ظروف كتبنا عنها في حينها، ولما أدركت وسائل الإعلام أن ترمب ينطلق كالصاروخ، بدأت في نبش ماضيه، والبحث عن زلاته، فنشرت، على سبيل المثال، محادثة قديمة له، مع الإعلامي بيلي بوش، وهي المحادثة التي قال فيها ترمب كلاما فاحشا عن النساء، وظن الجميع أنها الضربة القاضية له. هذا، ولكنه استطاع تجاوزها بفضل جمهوره المخلص له، والذي كان قد حسم أمره لمناصرة هذا السياسي المختلف مهما كلف الأمر.
بعد فوز ترمب بالرئاسة، واصل الإعلام حربه الشرسة ضده، وذهب بعيدا في ذلك، فأصبح يبالغ في موضوع التدخل الروسي في الانتخابات، ويبحث عن الزلات، وينشر مراسليه لكل مكان، بحثا عن قصص تتعلق بترمب، يمكن تضخيمها، ولكنه واجه هذا السيل الإعلامي الهادر، والمنحاز ضده بشجاعة كبيرة، عن طريق حسابه الشخصي على تويتر، وهي ظاهرة جديدة، أثبتت نجاحها، وهذا هو ما يفعله هذه الأيام، في مواجهة عملاق الأخبار العالمي، قناة سي إن إن، التي تعتبر ألد خصومه، بالشراكة مع جريدتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست، ويعلم ترمب أن جمهوره الواسع، الذي صوت له، لم يعد يثق في معظم وسائل الإعلام الأمريكي، المنحاز للوبيات المصالح، وللمؤسسة الرسمية، أو الدولة العميقة، إن صح التعبير، وسنواصل الحديث عن هذه المواجهة الحالية، بين رئيس أقوى دول العالم، إأعلامها المنحاز ضده، وهي مواجهة مثيرة، وبلغت أوجها الآن!.