فوزية الجار الله
لم أستطع فتح عيني حين استيقظت، أخذت أستعيد تفاصيل الحلم الذي أخافني، رأيت نفسي قد حضرت إلى بيت طيني وقد كنت بكامل زينتي، أرتدي فستاناً أبيض، كان في ذهني هدف ما لتلك الزيارة كنت أود تعزية هذه العائلة بوفاة والدهم، كنت أحاول الحديث مع الفتاة الشابة قائلة لها أتيت لتعزيتكم في د. أنور، مكثت فترة حتى رحبت بي كما يجب، قالت: آه نعم إنه أبي د.محمد أنور، وكأنما كانت تنبهني بأسلوب مهذب إلى خطأي في اسم والدها، بعد قليل أقبلت امرأة من أقصى الدار علمت بأنها والدتها، تبادلت معها التحية والتعزية، كانت تتأملني بتركيز واهتمام رغم حزنها، كانت الفتاة وأمها ببشرة سمراء ليست شبيهة باللون الإفريقي لكنها كانت سمرة فاتحة مميزة، كنت أطوف في المنزل وأنا على عجلة من أمري كأني أود المغادرة سريعاً، فجأة ظهر ذلك الشاب الوسيم، كان يتبعني قائلاً بأنه يود أخذ صورة لي، أما أنا فلم أبال به ولا بتلك الصورة التي ينوي التقاطها لي لذا لم أسأله لماذا يود التقاطها؟ كنت أهبط درجات السلم قليلاً أود التقاط حقيبتي التي هي ذاتها في واقع حياتي، هي ذاتها بلونها المشابه لقشرة البندق ويدها ذات اللون المشابه للون المشمش الزاهي الجميل حين يتألق فوق الأغصان في أوج موسمه المحدد، كنت أود التقاطها ومغادرة الموقع غير آبهة بوسامة ذلك الشاب ولا بلهفته ورغبته في التقاط صورة لي.. حين تذكرت تفاصيل الحلم كنت أحاول إيجاد تفسير له وفي أعماقي رجفة خوف وحذر، ماذا يعني ذلك الحلم وإلى ماذا يرمز ذلك الرجل الوسيم الذي يتبعني، ومن هما تلكما المرأتين، أخذت أتذكر بمنتهى القلق، ثم أخذت بتلقائية أستعيد تفاصيل ما قبل النوم، تذكرته بكثير من الكبرياء، كنت أحدث نفسي بأني لن أقدم على خطوة تجاهه، بل عليه هو أن يفعل المستحيل لأجلي، قاتله الله كم أحبه، أتعبني كثيراً، بقراءة قصائده الممنوعة، ولذا ها أنذا أخطو بعيداً عنه، حتى يحدث إحدى الحسنيين، إما أن يأتي فارساً عالي الجبين يدوي إيقاع فرسه الجميلة فيتردد صداها عبر الجبال، وإما أن يغيب في النسيان مثلما يغيب شيطان طغى وتجبر فأسحق ذكراه بقدميّ بمنتهى اللا مبالاة، تذكرت بأنني كنت أحدث نفسي قبل النوم بأني نسيته وأنني لن أبالي إطلاقاً حتى لو ظهرت صورته على شاشة التلفاز مع امرأة أخرى يسمونها عروسه، لن أبالي إطلاقاً، كان ثمة امرأة أخرى في داخلي، مقاتلة متفائلة تؤكد بأنها هنا وما زالت تعد له متكأ في أعماقهاستبقى هكذا، أخذتني الحيرة بين الصوتين المتناقضين للمرأتين واستسلمت للنوم بمشاعر حائرة وحزينة، قاتله الله كم أحبه!