خالد الخضري
تناولت حبلا، محاولا ربط أذن الجنّي، علّني أتمكن من الإمساك به، حتى لايهرب.
فضيلة الشيخ يقرأ القرآن على والدتي وهي تصرخ وتولول.
المشهد مرعب، لكنني تمكنت وبجسارة – غير معتادة – من الإمساك به من أذنه، رابطا بقايا جسده في ذلك الحبل الثخين، وفي لحظات تهاوت والدتي على الأرض، لقد خرج الجني وانتهى الصراخ المرير.
بكل ما أوتيت من قوة، وبمساعدة الشيخ حجازي بدأنا في توثيق جسد
الجني كي لا يهرب، إنه يندس في الأجساد كي لا يراه البشر، يتوارى
خلف الأضواء، يختبئ في الظل.
لكن: على مين؟
قالها الشيخ، وهو، من هو في الصمود ضد الجن، تمكن من مصارعتهم،
والتنكيل بهم لأكثر من 30 عاما، وفقه الله في تخليص كثير من الأجساد البشرية من بطشهم.
هذا ماكان يرويه الشيخ حجازي أثناء إمساكنا بزمام الأمور وتوثيق جسد الجني.
المفاجأة حصلت عندما اختفى الحبل، وبقي أمامنا جسد الجني ظاهرا، وفجأة اختفى الإثنان.
استبشر الشيخ حجازي بالأمر فقال:
- الحمد لله أنه لم يدخل في جسد أحدنا.
قلت مندهشا:
إذاً أين هو الآن، ونحن لا نرى حتى الحبل.
- هو داخل الحبل، مقدور عليه.
طلب منى الإمساك بالجدار، مكان وجود الحبل المختفي وأن أشد جسدي، كي أتمكن من شد وثاق الحبل الذي سيظهر بعد قليل حسب تعليماته، لأنه سيقرأ على الحبل، أو مكان الحبل حتى يظهر ثم يخرج الجني.
قلت: دعه وشأنه، لماذا لا نذهب، ونتركه، أو نحرق هذا المكان كي نتخلص من الأمر.
الشيخ لا يريدنا أن نحرق جزءا من منزله الذي يمارس فيه قراءة القرآن على الملبوسين.
قال:
- الجن مخلوقات من نار، فلا تحرقهم النار، دعنا نحاول كي نخرجه ثانية، القرآن قادر - بإذن الله - على إخراجه، حتى لا يضر أحدا منا لو بقى مكانه. كان الأمر بالنسبة لي مصيبة حلت بي خلصت أمي من الجني، فما
ذنبي في موقف كهذا؟
أدعو الله أن يخلصني سريعا فأنا أخاف كثيرأ من هذه الأجواء، لكن صديقي المصري كان يقول:
- لا بد أن تكون جريئا، وقادرا على المواجهة، يجب ألا ينطبق عليك المثل القائل «اللي يخاف من العفريت يطلع له». أنا لم أتوهم العفاريت أو الجن، لقد رأيته بنفسي يخرج من جسد أمي، وتجاسرت كي أربطه من أذنه بالحبل، لكن ما حصل أن جسد الجني ربط الحبل، حدث العكس فاختفى الحبل أيضأ.
هناك أسطورة شائعة عن أحد جنود سليمان - عليه السلام- أنه عندما تمكن من ربط الجني من أذنه، تمكن من الإمساك به، إنها حكايات غاية في الرعب، أخاف منها كثيرا.
ما ذنبي أنا الآن، وما ذنب أمي لو عاد الجني مرة أخرى إلى منزلنا؟
ليس أمامي من حل سوى أن أكافحه بقراءة القرآن، لأحضر الشيخ للمنزل كي يقرأ عليه، هي فكرة جيدة.
فجأة صرخ الشيخ حجازي: الله أكبر، الله أكبر، ألم تشاهد؟
- ماذا، ماذا ؟
- لقد خرج الجني من الدار، الحمدلله.
- لم أشاهد شيئا.
- لقد شاهدته، أثناء قراءتي عليه.
- والحبل أين هو؟
- إنه هناك مرمي في الحوش، رماه الجني، انظر.
نظرت في اتجاه الحوش، فلم أجد شيئا مما يدعيه الشيخ، هززت رأسي وصمت، خوفا من الموقف، هل هي تهيؤات تظهر للشيخ، لا أعرف ولاأريد أن أعرف.
خرجنا معا، خارج منزل الشيخ، بعد محاولات عابثة، مرعبة فى التحقق من وجود الجني في الحوش، دون جدوى.
قال لي الشيخ حجازي: لا عليك سأتصرف معه، فانا خبير بهم، اذهب أنت الآن بأمك إلى المنزل.
وفجأة أثناء محاولات الشيخ فتح سيارته بالريموت كنترول كان الجني يعبث بأزرار السيارة لقد سكن الجني سيارة الشيخ، وبدأت مضايقاته الفعلية له.