جاسر عبدالعزيز الجاسر
التباس المصطلح السياسي يوقع الكثيرين من الإعلاميين وحتى المحللين السياسيين، وقد كشفت المواقف الأخيرة لرئيس الوزراء اللبناني «المتريث» عن الاستقالة لهذا الالتباس الذي كشف عن عدم فهم هؤلاء من إعلاميين ومشتغلين في العمل السياسي، إذ اعتبر هؤلاء «تريث» رئيس الوزراء اللبناني سعد الدين الحريري عن استقالته رجوعًا عن الاستقالة، في حين يعدُّ التريث في مضمون المصطلح السياسي هو عدم تفعيل الاستقالة إلا أنها أيضاً ليس رجوعًا عن الاستقالة والتي ستبقى «سيفًا» يلوّح بها من تقدم بها حتى تُنفذ مطالبه.. وهو ما بدأ يلوح في الأفق هذه الأيام.
سعد الحريري وأثناء «خلوته» مع الرئيس اللبناني ميشال عون وضع ثلاثة شروط للعدول عن استقالته، وهي:
1 - صون اتفاق الطائف.
2 - التطبيق الفعلي للنأي عن النفس.
3 - عدم الإضرار بالعلاقات مع الدول العربية.
هذه شروط يظهر ومن خلال «التريث» الذي أعلنه سعد الدين الحريري والأقوال التي كررها في الخطب التي ألقاها بأنه لمس موافقة من عون على تنفيذها، وأن «تريث» الحريري يفسح المجال لعون للبدء في إجراءات حوارات ومشاورات مع القوى والأحزاب والكتل النيابية اللبنانية للخروج بـ»ميثاق» يُطبق وليس للاستهلاك وإرضاء الحريري، مثل ما حصل لما اتخذ سابقاً، والذي حمل مسمى ميثاق بعبدا والذي أكد من خلاله الالتزام بمبدأ النأي عن النفس.
أيضًا يرى الكثير من المحللين والمتابعين للشأن اللبناني، بأن «تريث» الحريري سيحرج «حزب الله» مليشيات الملا حسن نصر الله وكل أنصار إيران ونظام بشار الأسد، لأن الحريري بموقفه أكد وقوفه مع رغبة اللبنانيين في البقاء، وأنه يسعى إلى استقلال القرار اللبناني والنأي عن المشكلات والأزمات التي تتضرر منها لبنان كثيراً إذ ما انغمس في أتونها كما تفعل مليشيات حزب الله، كما الإضرار بالعلاقات العربية وبالذات العلاقات مع دول الخليج العربية التي يعمل بها قرابة المليون لبناني يحوِّلون إلى لبنان مليارات الدولارات سنوياً.
كما أن «تريث» الحريري يدعم موقف حلفائه من تكتل 14 آذار، الذين لابد وأن يعززوا مطالبه بالالتزام بالشروط الثلاثة مما يمهد إلى بحث الموضوع الأهم وهو حزب مليشيات حزب الله التي جلبت كل هذه الأزمات التي تحاصر لبنان.
عموماً، وبحسب مفاهيم وأساليب العمل السياسي اللبناني، «التريث» أسلوب جديد يدخله سعد الحريري لتحسين موقفه سعياً للدفاع عن الهوية العربية في لبنان وصد الهجمة الفارسية التي يتعرض لها. وعلى رئيس الجمهورية عون أن ينفذ تعهداته التي وعد بأنها ستحل خلال 3 أيام تنتهي اليوم، وينتظر أن ينفذ عون هذا القول بإصدار بيان رئاسي يجدد تعهد لبنان بالنأي عن النفس، نأي حقيقي وليس قولاً بلا فعل.