«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
رغم زيادة أعداد المشتغلين السعوديين في سوق العمل، فهناك دائماً زيادات في أعداد المتعطلين - ورغم ارتفاع أعداد الوافدين المغادرين، فإن أعداد المتعطلين لا تتناقص بنفس النسب كما هو متوقع اللا منطق كله يتضح في تقديرات معدلات البطالة للسعوديين بالمملكة. ففي تغريدة لهيئة الاحصاء تم التلميح إلى بلوغ إجمالي السعوديين الباحثين عن عمل من واقع بيانات السجلات الإدارية خلال الربع الأول 2017م نحو 907 آلاف فرد».
ومؤخراً أعلنت نشرة الهيئة أن معدل البطالة لإجمالي السكان السعوديين من 15 سنة فأكثر بلغ خلال الربع الثاني من 2017 نحو 12.8 في المائة بواقع 7.4 في المائة للذكور 33.1 في المائة للإناث. وذكرت الهيئة في بيان أن تقديرات مسح القوى العاملة، تظهر معدل 6 في المائة للبطالة في المملكة لإجمالي السكان من عمر 15سنة فأكثر بواقع 3.3 في المائة للذكور و22.9 في المائة للإناث. ومن الواضح أن التقديرات تعطي إشارات إلى ارتفاع معدل البطالة بصفة عامة من 12.7 في المائة للربع الأول من 2017 إلى 12.8 في المائة للربع الثاني 2017، لكن هذه الإشارات لا تنطبق مع الواقع الحقيقي لسوق العمل، فكل المؤشرات تدلل على نجاح السياسات الأخيرة في ارتفاع معدلات مغادرة نسبة ليست قليلة من الأجانب.
التباين بين أعداد المتعطلين وأعداد المشتغلين
جدول (1) يوضح أن أعداد المشتغلين السعوديين ارتفع من الربع الأول للربع الثاني بنحو 13504 أفراد، وهم الذين تم توظيفهم في جهات حكومية وخاصة، ولكن في نفس الوقت ارتفع عدد المتعطلين بكمية متساوية تقريباً بلغت 13411 فردًا، وهو أمر يبعث على الاستغراب، كيف يزيد المشتغلين ولا يقل المتعطلين؟ نظرياً يفترض أن يقل عدد المتعطلين خلال فترة 3 أشهر بنفس الحجم الذي ارتفع به المشتغلين، لأنه لا عقل أن يضاف عدد خريجين جدد خلال هذه الفترة القليلة. ولكن هذه الفجوة بين المشتغلين والمتعطلين تفسر بعدة متغيرات:
أولاً: هناك ازدواج في طريقة حساب الأرقام، بحيث إن نفس الأفراد المتعطلين من شركات معينة هم أنفسهم تم احتسابهم مشتغلين في شركات أخرى، ويؤيد هذه الفرضية تطابق أرقام الزيادة في المشتغلين مع الزيادة في المتعطلين.
ثانياً: يمكن تفسير الفجوة أيضاً بارتفاع نسبة المتعطلين السعوديين بسبب التسريح من العمل، حيث بينت نتائج مسح القوى العاملة لوزارة العمل أن 11.6 في المائة من المتعطلين السعوديين سبق لهم العمل، وأن 32.9 في المائة من المتعطلين السعوديين الذين سبق لهم العمل تركوا عملهم بسبب التسريح من صاحب العمل. وينبغي معرفة أن نسبة 32.9 في المائة من المتعطلين السعوديين سبق لهم العمل وتم تسريحهم، إنما هي نسبة مرتفعة للغاية، وبالتالي، فإن معدل البطالة بالمملكة أصبح رهيناً بتذبذب عنصر ترك ومغادرة العمل بسبب التسريح أكثر منه عنصراً معبراً عن التوظيف.
وهذا التسريح يمثل ظاهرة تدخل في سياق البطالة الاختيارية في جزء كبير منها، لأن التسريح يحدث لسببين: إما لسبب يرتبط بالفرد المشتغل نفسه أو يرتبط بصاحب العمل. لذلك، فإن وحدة ابحاث «الجزيرة» ترصد ارتفاع معدل البطالة الاختيارية في جانب مهم لسوق العمل، كما ترصد ظاهرة دوران المشتغلين ما بين أكثر من جهة عمل، بشكل يتسبب في اضطراب عملية حساب وتقدير معدلات البطالة.
بمعدلات المتعطلين أحياناً في دول معينة تكون مستقرة إلى حد كبير، لدرجة أن الفرد الواحد لا يتم احتسابه عاطلاً إلا مرة واحدة، فالعاطل نتيجة مغادرة عمل لا يرغب فيه أو يعتقد أن اشتراطاته غير مناسبة له يعد عاطلاً اختيارياً.
وبالطبع يدخل في هذه المعادلة بطالة الإناث حيث تعد نسبة مرتفعة منها بطالة اختيارية نتيجة اعتقادهن بعدم مناسبة شروط وظروف العمل لمتطلباتهن. وتوصي وحدة أبحاث «الجزيرة» بإنتاج مؤشر للمتعطلين الذين لم يسبق لهم العمل كمعيار حقيقي لقياس حجم البطالة الفعلية بالمملكة.